فريدمان والفضائيات والوعي السياسي

TT

قرأت مقال توماس فريدمان المؤرخ 2002/5/2 تحت عنوان «جيل رابع من الضحايا تحت غطاء تلفزيوني» مرات عدة لاستوعب ما الذي يقصده الكاتب من وراء هذا المقال بالضبط، فقد بدأ بالحديث عن دور شبكات الانترنت والفضائيات العربية في شحن الشعوب العربية ازاء أحداث الاجتياح الاخيرة بفلسطين، ثم انتقل ليتكلم عن خطط التحديث وكيف ان الاهتمام بالقضية الفلسطينية تسبب في تعطيل تنفيذ هذه الخطط، ثم اختتم باستخلاص ان سبب تأخر الشعوب العربية وتخلفها يكمن في تفوق الفلسطينيين في اشغال العرب بقضيتهم واستغلالهم لها على نحو أدى الى عزوف العرب عن تحديث مجتمعاتهم في مقابل الاهتمام بقضية واحدة الا وهي القضية الفلسطينية.

ولكن المهدد بالتأخير في الواقع هو اميركا وليس العالم العربي، فهي قدمت مصالح اسرائيل على مصالحها مراهنة بذلك على ان الشعوب العربية عادة ما تكون ردود فعلها على المواقف الاميركية الصارخة في غاية العنف، ثم لا تلبث ان تخبو جذوة الانفعال لتحل محلها اللامبالاة. وحتى لو تعدت هذه المواقف الشعوب لتشمل الدول فإن التلويح بالعقوبات الاقتصادية يكفي لاسكاتها، غير ان ما هو مختلف هذه المرة هو ان الحكومات العربية وشعوبها استوعبت الدرس جيداً، وادركت ان ساعة الخطر قد اقتربت، وان وجودهم مهدد كوجود الفلسطينيين، وانه ما من سبيل للبقاء سوى الاتحاد ومساندة الشعب الفلسطيني بعد ادراكنا ولو متأخراً انهم خط دفاعنا الاول أمام اسرائيل مثلما تمثل اسرائيل لاميركا خط دفاعها.

اما في ما يخص الفضائيات التي يتهمها فريدمان بأنها السبب في تأجيج مشاعر الغضب العربي وصرف انتباهه عن قضاياه الداخلية سأقول انها أنارت العقول العربية وساهمت في انقشاع الغمام عن ابصار الناس بعدما نقلت لنا بالصورة الحية من هو الارهابي الحقيقي. والفضائيات العربية اصبحت عنوان الديمقراطية في وطننا العربي من خلال اثارتها لموضوعات لم يكن الاعلام يستطيع الاقتراب منها، وافساحها المجال لمختلف الاتجاهات للتعبير عن رأيها مما ساهم في اتساع الوعي السياسي لدى العامة، أما بالنسبة لفريدمان فلكيتف بمشاهدة قنوات ديزني وأفلام الاكشن الاميركية والتي تحشر في كل لحظة مشاهد تصور المسلمين على انهم ارهابيو العصر الحديث الذين يهددون البشرية.