تراث إنساني يستحق الاهتمام

أبو الهول وآمون ورع وبوذا والترميمات الأثرية

TT

طالعت باستغراب الخبر الذي نشر في «الشرق الأوسط» بتاريخ 5/10 تحت عنوان «الأزهر يعترض على مشاركة مصر في ترميم تماثيل بوذا»، وفحواه ان مجمع البحوث بالازهر، رفض الموافقة على اشراك خبراء آثار مصريين في اعادة بناء تماثيل بوذا بدولة افغانستان، وترميم ما تبقى منها لاعادتها الى ما كانت عليه بعد تحطيمها على ايدي حركة طالبان قبل اكثر من عام. فان المشاركة في عملية الترميم تتعارض ومكانة مصر الدينية في العالم الاسلامي. بحسب وجهة نظر الازهر.

وسبب الاستغراب لدي يكمن في ان هذا التصريح صدر في وقت تقوم فيه مصر بترميم مئات التماثيل، وتماثيل اخرى تمثل آلهة مصر القديمة، وتجرى ايضا عمليات صيانة للمعابد الفرعونية وتقوم بانقاذ عشرات الموميات الحقيقية لآلهة ذلك الزمان الغابر منعا للتحلل والتفسخ، كما يأتي رفض الازهر في الوقت الذي يساهم فيه مئات من الخبراء المصريين بعلمهم ومجهوداتهم في لجان اليونسكو، ونراهم يعملون في شتى المواقع الاثرية في العالم، ولم يسبق ان سمعنا ان اعمال هؤلاء تدخل في نطاق المحرمات او تعرض وزارة الثقافة المصرية ومتاحفها الى اي اعتراض، كونها راعية جميع الصيانات والترميمات. ان الخبراء المصريين والذين ترفض ادارة الازهر ان يشاركوا في ترميمات بوذا، هم أنفسهم الخبراء الذين يقومون بترميمات تماثيل الإله رع وامون في مصر، ويهتمون بمومياء رمسيس ويعالجون أماكن التفتت فيها، حتى تبقى دوما، لقد قامت الحكومة المصرية بصرف نحو مليوني دولار لانقاذ تمثال أبي الهول من خطر تسرب المياه الجوفية الى داخله، وعملت ايضا على اصلاح انفه الذي تعرض لقصف مدافع نابليون، وما احتج احد على هذا الترميم او ما سبقه من ترميم لمعابد وهياكل. فهل تكون ترميمات الآثار المصرية الفرعونية القديمة حلالا، ويكون غيرها حراما؟

واخيرا، اشير الى خبر آخر نشر في عدد الجريدة نفسه في صفحة «عرب وعجم» يفيد بأن منظمة اليونسكو وافقت على تقديم منح تدريبية عدة للاثريين المصريين في مجال الحفاظ على المواقع الاثرية واعمال الترميم، فهل ما قدمته المنظمة كان لمصر أم انه لصالح وخير البشرية جمعاء؟