المشاريع الزراعية في السودان وأسباب تدهورها

TT

تتردد هذه الأيام في الأوساط السودانية أحاديث حول المشاريع الزراعية وما آلت إليه من تراجع وانحسار في الإنتاج والعطاء وغيرهما. ولقد تحامل المواطنون على رؤساء المجالس والإداريين واتهموهم بالتقصير في واجباتهم، وبأنهم تستروا على بيع بعض الآلات الزراعية التي تفي بحاجات المزارعين في المشاريع، لكن بقاء هذه الآلات منطقي، كما أن لبيع الآلات منطقاً وعذراً آخر، والنطق لا يخرج من مسار ظروف يفرزها عصر ومتغيرات تجري بها عجلة الزمان.. فالسودان الذي يعاني من مشاكل اقتصادية وتنموية حادة لا يستطيع أن يفي بحاجات المشاريع الزراعية، كما كان يفي بها أولا قبل عقدين من الزمان، مما اضطر وزارة الزراعة والري الى تفويض الإداريين، كيفما شاءوا، وبمجهودهم الخاص، وبحكم خبرتهم، وفي أي مشروع تعرض له مشكلة للجهات المختصة، وهذا التصرف من قبل الإداريين هم أنفسهم لا يتقبلونه ويتعبهم ويرهقهم، لكن يفعلون ذلك من أجل ألا يتعطل المشروع نهائيا، وكان بودهم إيجاد حل أفضل من ذلك، ومن هنا توضح الرؤية: المشكلة هي مشكلة سودان عامة وليست مشكلة إداريين أو سوء تنظيم كما يفهم البعض.

فمثلا مشروع الزيداب الزراعي بولاية نهر النيل من أوائل المشاريع الزراعية في السودان، كان وما زال نقطة الارتكاز لأبناء المنطقة، وما حولها، لكن الوابورات التي تضخ المياه من النيل والتي مرّت عليها عشرات السنين من دون تغيير، لم تعد قادرة على الإيفاء باستخراج كميات وافرة من المياه لغمر الأراضي بها، مما دعا الواقفين على أمر المشروع الى بيع بعض الآلات واستبدال أشياء مهمة بها ليضمنوا سير المشروع بدلا من توقفه كما فعلت بعض المشاريع التي توقفت نهائياً وطالبت الحكومة ووزارة الري بقطع غيار ووقود لا يدري أحد متى يوفون بهما، فالاستمرار بالبسيط افضل من الانقطاع نهائيا، وهذا ما ذكرته آنفاً ومن هنا يتضح أن العلة ليست في أشخاص أو إداريين، إنما نتيجة انعكاسات يعاني منها هذا البلد ونتمنى بعد ظهور البترول أن تزول هذه المعاناة، ويجب على المواطن أن يتفهم هذه الأوضاع بعيداً عن التشاحنات والبغضاء، وان يعملوا على الاستفادة من التكاتف والتعاون لأنهما الأحوج لذلك ومن أجل بناء نهج حضاري سليم.