الإصلاح بين الرغبة والواقع

TT

قرأت عدة مقالات في «الشرق الاوسط » تتناول موضوع التغيير والاصلاح داخل السلطة الفلسطينية والانتخابات، وكلها صارت موضة الكتابة والكتاب هذه الايام، بعد ما صار شتم شارون واثبات انه قاتل وسفاح مهمة يومية للكتاب على رأي عبد الله باجبير، هذا عدا عن الاخبار اليومية ومتابعة الصحيفة لكل جديد على هذا الصعيد. ورغم كل ما كتب وقيل فانني لا اتصور ان يقع التغيير في الاتجاه الذي يطمح اليه الناس. فالبشائر الاولية لا تنبئ بالخير، اذ بدأ العديد من رموز السلطة المعروفين، والذين قادوا مسيرة اوسلو، يتسابقون على ادانة الاوضاع القائمة وما أدت اليه من مصائب وخراب، ويتقدمون صفوف الداعين الى التغيير وعلى جميع المستويات (الا مستوياتهم طبعا)، وكانهم بذلك قد دخلوا الحملة الانتخابية وقدموا انفسهم للناس، مع انهم قدموا انفسهم منذ تسلموا السلطة قبل ما يقرب من عشر سنوات. ومع ان السلطة لم تحدد حتى الان موعدا لهذه الانتخابات، وكما نرى فان الكل يريد انقاذ رأسه وموقعه مبكرا من تهمة الفساد التي لو جرى اصلاح مهما كان نوعه ودرجته ومستواه فانه سوف يطال بعض الرؤوس طبعا، اذ لا يمكن ان يقتنع الناس باصلاح دون ان يدفع البعض الثمن. الا ان هذا لا يعني ان الاصلاح سيكون بخير، لان الخراب طال كل شيء، واذا لم يات الاصلاح شاملا لكل شيء ويقدم اجوبة على مئات الاسئلة التي يطرحها الناس في الشارع فلا فائدة منه. ثم ان الناس، وانا واحد منهم، بدأوا يكتشفون حجم الخراب الذي حل بهم ويتساءلون عن ما حصل هنا او هناك، وحتى الان لم يسمعوا ولم يقل لهم احد ما الذي جرى فعلا في كنيسة المهد وعلى ماذا تم الاتفاق، وما مصير مأساة مخيم جنين. لقد حل مجلس الامن الدولي لجنة تقصي الحقائق، ومنذ ذلك الحين خفت تصريحات المسؤولين، بل وسكت الجميع عن اي مطالبة بالتحقيق من جهات او منظمات دولية اخرى، و«اللي صار صار». ويبدو ان همهم الان هو التحضير للانتخابات التي لا يعلم الا الله زمانها ومكانها، وما اذا كانت ستجري ودبابات الاحتلال خلف السواتر الترابية على اطراف المدن والقرى، تسرح وتمرح، تدخل متى تشاء وتعود الى مواقعها سالمة متى تشاء ايضا، ولا من سائل عنها ولا من مجيب. لهذا انا غير متفائل، ولكن ما باليد حيلة، اعان الله شعبنا وصبره على بلواه.