وردي عائد إلى أحضان الذين أحبوه واستقبلوه

TT

تعلقيا على ما كتبه بكري الصائغ، من المانيا، بخصوص الفنان محمد وردي، ومتابعة «الشرق الاوسط» لخبر عودته ونشره على صفحتها الاولي، أود القول بأن اهتمام «الشرق الاوسط» بذلك الخبر هو جزء من اهتمامها وتقديرها للسودانيين المجردين غير المحسوبين علي فئة سياسية معينة، وقد تجلى ذلك في المواقف الصامدة التي اتخذتها الجريدة، حين كانت، بدورها، ضحية من ضحايا فورة الانقاذ، عندما اعتقل مراسلها لاكثر من مرة، وحجبت عن قرائها في السودان حين منع دخولها، لذلك يمم السودانيون في مهاجرهم، وجوههم نحوها يستقون منها الخبر الصادق، ويراسلونها بذات المصداقية، ولذا صارت «الشرق الاوسط» صحيفة السودانيين الاولى، وظلت من جانبها وفية لعهدها لا تنافق، وتكتب الخبر كما ينبغي ان يكون عليه، وفي يقينها بأنها مسنودة بغالبية تقدر لها هذه المصداقية، ولذا كانت ولا تزال محل غيرة وهجوم من قبل البعض.

وعودة لقصة وردي وعودته، والذي الف القلوب كلها حول هدف اسمه السودان، وخرج الناس من غير ميعاد وغادروا اماكن عملهم ومكاتبهم ونزلوا الى الشوارع في موكب شعبي.. خرج الناس عن بكرة ابيهم فحظي وردي باستقبال هو الاكبر في تاريخ السودان الحديث. لقد عاد قبله ساسة ومعارضون فكان في استقبالهم مجموعات من مؤيديهم واخرى من رجالات النظام، اما وردي الذي لم يستقبل بصورة رسمية، فقد هب الشعب كله واستقبله بالهتاف الذي تحول، فيما بعد، الى مظاهرة سياسية. ولم تنقل اجهزة الاعلام الرسمية الخبر في صدر صفحاتها الاولى مثلا، كما فعلت «الشرق الاوسط» رغم انه خبر غير عادي، كما ان الاستقبال لم يكن عاديا ايضا... ولأن الحقيقة دائما محورة وغائبة ومذبوحة يظل الهجوم مركزا على مواضع الصدق ومواطن الامانة، ولا اظن انني في موقع ادافع فيه عن «الشرق الاوسط» ولكن متابعتي الطويلة لها منذ اول يوم صدرت فيه وحتى يومي يجعلني اكتب عنها ما اعرفه وما يعرفه كل السودانيين الذين يلوذون بها في كل فجاج تبعثرهم، فهي معهم واخبار السودان في المقدمة دائما.

وفي هذا الزمن الالكتروني العجيب لم يعد يجدي مهاجمة صحيفة لانها تعري موقف ما او تصادر كلمة لتفضح المكنون او سب كاتب لانه تجرأ... اساليب الحرب الباردة في مصادرة الحريات لم تعد تجدي، ولم يعد لها سوق تروج فيه.