بعض مداد ليراع السفير غازي القصيبي!

العمليات الانتحارية من منظور توراتي أيضا

TT

تعقيبا على الحوار الشيق الذي اجرته «الشرق الأوسط» مع السفير القصيبي (عدد 5 يونيو 2002)، أود ان اقول ان حقيبة الدبلوماسية السعودية محظوظة بكون شخص مثله من رجالها. وعلى الرغم من اعجابي بشجاعة الرجل وحضرة بديهته في مقارعة الحجة بالحجة، فإنني أود ان اشيد ببراعته في التقاط الكرات الملتهبة التي تلقى تجاهه وسرعته في ردها ساخنة الى رؤوس قاذفيها. وقد نستنتج من حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس، حين طلب منه ان يوليه، ان طلب الخدمة العامة ينبغي ان يكون لخدمة الناس في قضايا يؤمن بها المرء وان المنصب ليس سوى مجرد وسيلة لرعاية شؤون المسلمين والذود عن حياتهم، أي تماما كفهم القصيبي له في عدم تفاديه للمواجهة اذا اقتضى الامر. وآمل ان اصب بالكلمات التالية شيئا من مداد في دواة الاخ السفير.

كمسلم لا اجد مطلقا مسوغا لقتل الابرياء، والقرآن يأمرنا بأن لا ندع شنآن قوم يحيد بنا عن اقامة العدل، ولكن لا ينبغي على عاقل ان يتجاهل الحكمة البشرية القائلة بأن «من يزرع الشوك لن يحصد العنب»، فالفلسطينيون ليسوا بأول من سار خطى في درب هذه العمليات الانتحارية، فقد سبقهم الى ذلك الفيتناميون «قام ببعض العمليات اطفال» واليابانيون في بيرل هاربر. فعندما يفشل الناس في الاعتراف بابسط الابعاد الانسانية لخصومهم وتدني الامور الى مستوى ان «الحق هو ما تملي به رغبة القوي» فإن الضعيف لن يفشل ابدا في ايجاد المسوغ للدفاع عن النفس بأي طريقة ممكنة. ومقابلة لأمر القرآن للمسلمين بتوخي اقامة العدل مهما بلغت درجة كراهية الخصم، وتوجيهات الاسلام بعدم التعرض لغير المحاربين عندما يحمى الوطيس، نجد ان سفر «القضاة» من «العهد القديم» يصور لنا عملية انتحارية في اصحاحه رقم 18 (تبلغ ذروتها في فقرته رقم 27) قام فيها يهودي انتحاري بقتل اناس من شعب مطمئن مسالم. ويمكن للقارئ الباحث مراجعة التوراة على www.hti.umich.edu/k/kiv/ العدل ايضا يجعل المسلم يعترف بأن الديانة اليهودية هي اقرب الديانات من الناحية العقائدية للاسلام، فعقيدة التوحيد الابراهيمية الحنيفية هي الاساس لكل من الديانتين وكلمة «أحد» الدالة على وحدانية المولى جل وعلا مشتركة بين اللغتين العربية والعبرية.

ومن الجدير بالذكر ان سفر «إرميا» يتحدث عن ما ورد في الآية 4 من سورة الاسراء، والتي تتحدث عن هزيمة البابليين لليهود «فإذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا». ايضا لعل الآية 104 من سورة الاسراء «وقلنا من بعده لبني اسرائىل اسكنوا الارض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا» تنبأت بالعودة الحالية لليهود الى فلسطين، وان لم يرعوا فإن الوعد المفتوح في الآية 8 من سورة الاسراء «وان عدتم عدنا» لا محالة قائم.