الدولة الفلسطينية بين ترومان وبوش

TT

من خلال قراءاتي لمقالات توماس فريدمان السابقة أجده يتوجه نحو الموضوعية والواقعية في ما يصب في مصلحة الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الاوسط، خصوصا في مقاله «إقامة الدولة الفلسطينية مسؤولية بوش» الذي نشرته جريدة «الشرق الأوسط» في 2002/6/10، وان كان يكشف لنا عن استكمال وعد بلفور الذي وعد اليهود بوطن قومي لهم وتحقق على أرض الواقع ودعمته الولايات المتحدة باعترافها به عام ، ونصيحة توماس فريدمان لبوش بالتجرؤ في اتخاذ قرار على غرار ما فعل الرئيس هاري ترومان الذي اتخذ قرار الاعتراف بالدولة اليهودية. ولكن قرار هذه المرة يسهم في اقامة الدولة الفلسطينية جنبا الى جنب مع الدولة اليهودية، وبتأييد من وزير خارجيته كولن باول للتغلب على موجة العداء لأميركا في العالم العربي ـ الاسلامي، وان يقف في وجه المعارضين أمثال كارل روف اقرب مستشاري الرئيس السياسيين، اضافة الى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذين يحاولون ايقاف حماس الولايات المتحدة لأية مبادرة قوية، ويجادلون بأن ياسر عرفات مثل الآخرين، وان الشيء الوحيد للتغلب على مشاعر العداء لأميركا في منطقة الشرق الأوسط يتمثل في تغيير النظام في العراق، ويطرحون أيضا ان ذلك فقط هو ما قد يؤدي بالفعل الى ضمان المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في تلك المنطقة التي تتفوق القوة فيها على ما عداها.

فإذا ما اتخذ الرئيس بوش قرارا يؤيد وجهة نظر الفريق الثاني فسوف يتزايد العداء والكراهية للولايات المتحدة عربيا واسلاميا وعالميا وتفقد الولايات المتحدة مصداقيتها هذه المرة.

واذا ما تمكنت الولايات المتحدة من اعتقال عبد الله المهاجر الذي تدرب على تصنيع قنبلة قذرة مشعة بباكستان وافغانستان وكان ينوي تفجيرها في مترو الانفاق بالعاصمة الأميركية هذه المرة فلن تتمكن من اعتقال جميع الاشخاص الآخرين مستقبلا، خصوصا ان أساليب الارهاب متنوعة ومتعددة ومتاحة تستخدم جميع التقنيات والتكنولوجيا التي وفرتها لهم العولمة، والتي لا يمكن احتكارها. اضف الى ذلك أنه لا يستبعد ان تصبح جميع دول منطقة الشرق الاوسط دولا نووية، وبالتالي فإن أمن اسرائيل مهما بلغت قوتها لن يتحقق، كما يحدث الآن في النزاع الدائر بين الدولتين النوويتين الهند وباكستان، والتي لا يخرج من حربهما احد ان حدثت، وضرر الحرب ليس مقتصرا عليهما فقط، بل على المنطقة الاقليمية بأسرها والعالم.

ويبدو انه لا يوجد خيار للولايات المتحدة إلا باتخاذ قرار الدولة الفلسطينية من أجل حماية أمنها وأمن اسرائيل، وايقاف حرب الارهاب ليعود العالم كما كان قبل احداث الحادي عشر من سبتمبر.