الحق والباطل في ما ينشر

TT

الكلام نوعان: حق يراد به باطل وخديعة، وحق يراد به صدق ونصيحة، وارجو ان يكون كلامي هنا مع «الشرق الأوسط» الغراء من النوع الثاني. ففي عدد يوم الثلاثاء 2002/7/2 ازعم ان الصواب والتوفيق قد جانبا منسق صفحات الجريدة، فعلى الصفحة الاولى يطالعنا عنوان عريض وصورة واضحة، اختارهما المنسق الكريم من عالم الغذاء على طريقة «حامض حلو» ومن عالم التكييف على مبدأ «حار بارد»، فالعنوان يقول «حماس تتوعد بالانتقام لاغتيال المهندس رقم 4» بينما يظهر في الصورة تحت الخبر مباشرة أسرة فلسطينية سعيدة بانجاز بروفيسور اسرائيلي شفى طفلتي هذه الاسرة من مرض عضال. وبودي لو ان منسق الصفحة ـ المعجب بهذا البروفيسور ـ قد سأل نفسه: كم عربيا قتل هذا الاسرائيلي عندما كان جنديا في جيش الدفاع؟ واذا اردنا ان نكون وسطيين ـ وهذا هو المنطق ـ وفصلنا السياسة عن الطب والعمل الانساني، وتسامحنا في نشر الصورة والخبر كما وردا، فلماذا لم ينشرا في الصفحات الداخلية بعيدا عن تهديد حماس «بالانتقام»؟ واذا كانت بعض الدوائر السياسية الفلسطينية والعربية قد اصيبت بحول سياسي، فاعتقدت برغبة اسرائيل في السلام مع العرب وطبلت له وزمّرت، فهل انطلت هذه الحيلة على صحيفة ذكية لا تتثاءب، تخاطب قارئا ذكيا لا يغفو؟!