محاربة الجهل أولا ثم تأتي الديمقراطية

TT

تعليقا على ما كتبه سيد حسن، في جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 2002/7/15 ويشير فيه باصرار الى ان تطبيق النهج الديمقراطي في الحكم هو الحل لمشاكل السودان، نقول نعم، ان الديمقراطية هي الحل لمشاكل كثير من البلدان في العالم، لكن الامر مختلف في السودان بحسب رأي السودانيين انفسهم. فنحن في السودان لدينا تجارب مريرة من الفشل مع هذا النوع من الحكم الذي يروج له سيد حسن، فجميع التجارب الديمقراطية فشلت فشلا ذريعا في السودان. وفي تصوري ان السودان لم يشهد اي استقرار سياسي طيلة فترة حكم الانظمة الديمقراطية التي مرت عليه منذ الاستقلال. ولذلك نرى، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ان معظم مشروعات التنمية التي قامت في البلاد على قلتها انجزت في فترات الحكم العسكري فقط، والسبب بالطبع، يعود للفوضى السياسية التي تعم البلاد بمجرد انتقالها للحكم الديمقراطي. وكما هو معروف فإن السودان قد جرب الحكم الديمقراطي في اكثر من مرة، فماذا كانت النتيجة والمحصلة غير الهرج والمرج الذي ظللنا نشهده في برلماناتنا الديمقراطية تلك؟ فالسودان وبوضعه الحالي لا يمكن ان يتم حكمه على اساس الديمقراطية الغربية التي ينشدها بعض المثقفين السودانيين لان اساس نجاح الديمقراطية في اية مجتمع هو اشاعة التعليم ومحاربة الامية اولا، فكم هي نسبة الامية في السودان حتى نطلق لخيالنا العنان بنظام ديمقراطي محكوم عليه بالفشل مسبقا، فالديمقراطية ايها السادة لا يمكن ان تنجح في بلد مثل السودان فيه نسبة الامية مرتفعة والعصبية متجذرة ومعظم قادة احزابه السياسية المغرمة بديمقراطية Westminister العريقة مصابون بعمى ألوان الطائفية، ولا يميزون بالتالي بين الديمقراطية والاوتقراطية حتى داخل احزابهم، ناهيك عن تطبيقها في حكم اهل السودان، فقبل الحديث عن ضرورة العودة للحكم الديمقراطي فهناك امور لا بد من تجاوزها في السودان وفي وقت واحد، وهي القضاء على الامية بمفهومها العام، فضلا عن الامية السياسية داخل الاحزاب الطائفية وللاستدلال على هذا الطرح انظروا الى حال الاحزاب السودانية المعارضة اليوم، بما في ذلك الحركة الشعبية لتحرير السودان، فجميعها لم تتمكن من عقد مؤتمراتها العامة طيلة فترة حكم الانقاذ مما يعني الفشل حتى في ادارة قضاياها الداخلية، فكيف اذن نتوقع منها شيئا للسودان وفاقد الشيء لا يعطيه.