المثقفون العراقيون والعداء لوحدة بلادهم

TT

تصاعدت في الآونة الأخيرة لهجة الاطماع والخطط الانفصالية تجاه مستقبل العراق ووحدة اراضيه. فالأكراد قاموا بطرح مشروع دستور جديد يتضمن ضم مناطق الموصل وكركوك النفطية الى فيدرالية الاكراد، تمهيدا لاعلان الدولة الكردستانية مستقبلا وعلى حساب حقوق العراقيين، تماما كما فعل اليهود في اعلان دولتهم قبل ما يقارب نصف قرن ولكن على حساب حقوق وديمومة الفلسطينيين. والمشروع الكردي ليس موجها ضد العراق فقط، بل يهدف الى اغتصاب اراضي سورية أيضاً. الا ان طموحات واطماع الاكراد هذه قوبلت برفض دولي واقليمي، ولا نقول برفض محلي عراقي! اما الاتراك فعبروا، في اكثر من مناسبة، كان اخرها تصريحات وزير الدفاع التركي بخصوص اطماع تركيا بضم منطقتي الموصل وكركوك الى مشروع تركيا الكبرى.

وفي خضم هذه الطروحات والاطماع التركية والكردية المتطرفة، نشرت بعض الشخصيات العراقية في الصحافة العربية وعبر شبكات الانترنت، نداءات ومقالات موجهة الى الرأي العام الدولي لتعرية فقط الاطماع التركية في اراضي العراقيين، ليس حبا بالعراق بل تضامنا مع الاكراد الذين ينافسون الاتراك على اغتصاب عين الاراضي العراقية المذكورة اعلاه. واذا لم يكن ما نذهب اليه صحيحا، فأين كان موقف هؤلاء المثقفين عندما اعلن الزعيم الكردي (بارزاني)، وما زال وفي اكثر من مناسبة، عن رغبة الاكراد (اذا سنحت الظروف الدولية) بتأسيس دولة كردية. والسؤال هو، ما الفارق بين ان يتم ضم اراض عراقية الى مشروع تركيا الكبرى او ضمها الى كردستان الكبرى، فالنتيجة بالنسبة للعراقيين واحدة، لهذا اعتقد ان على تلك الشخصيات ان تعيد حساباتها، اما ان تقف ضد كل المشاريع الانفصالية او تتوقف عن الاساءة والاستخفاف بالعراقيين ومشاعرهم! والمؤسف ان البعض من هؤلاء «المثقفين»، الذين يبدون حرصهم على وحدة العراق جاء في دساتيرهم المقترحة انه يحق للاكراد حق تقرير المصير، اي اقامة دولة كردية على اراض هي بالأصل عراقية اي من بلاد الرافدين. وبخصوص هذه الطروحات الكردية والتركية نتساءل: هناك من يجهل تاريخ الرافدين العراقي منذ ان بدأ التاريخ في سومر وبغداد والكوفة والنجف ونينوى! وقتها لم يكن لا اكراد ولا اتراك ولا من يحزنون! ومع كل هذا نقول نحن مع الحقوق الثقافية لكل الاقوام العراقية، ولكننا ضد الطروحات الانفصالية والفيدرالية التي تتم تحت شعارات لم تعد تخفى على العاقل والمثقف! ولنأخذ تركمان العراق مثالا، حيث انهم قدموا للعراق مثل الاكراد في فترات زمنية مختلفة منذ العصر الاسلامي، وهم لا يخجلون من الاعتراف بذلك، على عكس الاكراد تماما، حيث ان وجودهم في المنطقة الشمالية هو حديث جدا ولكنهم لا يعترفون بهذا. ونلاحظ ان التركمان لم يدعوا ان شمال العراق يدعى (تركمانستان)، مثلما يفعل الاكراد حيث يسمون الشمال بـ (كردستان).