الحرب لا تحل مشكلة التطرف

TT

لا شك ان احداث سبتمبر (أيلول) الأليمة في نيويورك في العام الماضي قد قوبلت باستياء واستنكار وغضب في كل مكان من العالم، ومن طرف العرب والمسلمين على وجه الخصوص، خاصة المقيمين منهم في الخارج لانه يمسهم ويمس تعاليم دينهم ومصالحهم، لكن رد الفعل الاميركي والغربي كان غير مدروس، ولعبت العواطف دورها واشتعلت نار الانتقام في الرؤوس، وغاب العقل في مواجهة النتائج وقام البعض باثارة الكراهية والعداء وايقاظ فتنة الحروب الصليبية والدينية التي عفا عليها الزمن. كان المفروض ان تعالج تلك الاحداث بالحكمة السياسية التي جرى العرف الامني على استخدامها. كان المفروض معرفة الأسباب التي دفعت تلك الفئة المتعصبة الى القيام بهذا الاعتداء الاثيم وتقصير الجهات الأمنية في معرفة عملية الاعداد لها وتنفيذها وايجاد الوسائل اللازمة لعدم تكرارها وتجنبها. واستعمال القوة العسكرية بشكل عشوائي لن يقضي على مثل هذه الاعمال، بل يعمل على زيادتها وانتشارها في جميع انحاء العالم الذي اصبح قرية صغيرة بفضل التقدم الفني والتكنولوجي في وسائل الاتصال وتشابك العلاقات الاقتصادية والاجتماعية. كان المفروض اتخاذ الاجراءات القانونية المعتادة لمراقبة الوافدين الاجانب في الدول المعرضة لمثل هذه الاحداث بالاستعانة بالجاليات الاسلامية المقيمة فيها والمسلمين من مواطنيها لمعرفة الاسباب وطرق معالجتها لانهم اعرف بسلوك هذه الفئات المتعصبة التي قامت منذ الاربعينات وما زالت تقوم بمثل هذه الاعمال التخريبية في كل ارجاء العالم الاسلامي.

إن مواجهة هذا التطرف لن يكون باستخدام القوة وغزو افغانستان لمساندة قوى تحالف الشمال على حساب الاغلبية الساحقة من الشعب الافغاني او غزو العراق وقتل الآلاف من العراقيين بحجة التخلص من صدام حسين او بث الفرقة بين الدول العربية والاسلامية بحجة حمايتها او رجوع القوات الاجنبية الى التراب العربي والاسلامي بعد ان ذهبت الى غير رجعة مع انتهاء الاستعمار الغربي والاحتلال الاجنبي، او السعي الخفي لاستغلال ثروات وامكانيات العالم الاسلامي رغم حاجته الى مد يد العون والمساعدة لاستغلالها لرفع مستواه التنموي المنخفض.. والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاسلامية بفرض انظمة معينة عليها وكذلك تغيير انظمة التعليم فيها.

ان مواجهة مثل هذا التطرف لن تتحقق إلا بدراسة الاسباب الفعلية التي دفعت شبابا مسلمين الى اللجوء الى التطرف ومنها على سبيل المثال حل المشاكل القائمة في العالم الاسلامي، مثل القضية الفلسطينية وكشمير وجنوب السودان وغيرها، ومساعدة الشعوب العربية والاسلامية في الحصول على حقوقها المشروعة في الحرية والحياة الديمقراطية وحقوق الانسان في اوطانها. وبهذا يكسب الغرب حب واحترام العالم الاسلامي ونشر السلام في العالم وتقوية التعاون الدولي على أسس ومبادئ الامم المتحدة.