رياح طيبة تهب من إيران

TT

تضرب علاقة العالم العربي بإيران في عمق التاريخ، وتمتد روابط الثقافة والمعتقد لتصنع تمازجا له أثره الكبير في مكونات شعوب المنطقة، ويلعب العامل الجغرافي والموقع دورا لا يستهان به في قضايا الامن والمستقبل، ورغم التقصير الواضح من الجانبين (العربي والايراني) في دراسة وفهم مكونات وروحية الطرف الآخر وعدم توفر المراكز البحثية والثقافية التي تسعى الى التبادل البحثي والثقافي على الجانبين، إلا ان حقائق التاريخ والجغرافيا تفرض نفسها، فما يحدث في ايران يتردد صداه عبر العالم العربي وبالاخص منذ قيام الثورة الايرانية عام 1978، وتحول المنطقة الى بؤرة صراع معقد، مرورا بالحرب العراقية الايرانية وغزو الكويت وتهيؤ المنطقة لاستقبال نظام جديد في العراق نتمنى مخلصين ان يمسح دموع وآلام ومعاناة شعب العراق الشقيق.

وتمر ايران في المرحلة الحالية بمنعطف مهم وحقبة حاسمة في مسيرتها، حيث تختلط مرحلة التحول من الثورة الى الدولة بقضايا الديمقراطية والحريات وشكل وطبيعة السلطة وعلاقاتها بالعالم.

ويلعب الطلاب الايرانيون دورا طليعيا في هذه المرحلة، وهو دور قديم ومتجدد، وهو يكتسب معنى مهما وحيويا، فعلى مدى الاشهر والسنوات الاخيرة كان الطلبة الايرانيون رأس الرمح للتيار الاصلاحي الساعي الى دمقرطة المجتمع وانهاء اشكال القهر والتسلط وغياب الحريات والتأسيس لسلطة جديدة تستمد شرعيتها من الشعب الايراني، ولا يملك المواطن العربي الا ان تتملكه مشاعر الاعجاب والتقدير للزخم الطلابي في ايران لسببين مهمين:

اولا: التحرك الطلابي يركز على قضية الديمقراطية (أم القضايا في العالم العربي ومدخله الى التقدم) الامر الذي ينفي ولو في الحالة الايرانية عن الشعوب الاسلامية تهمة الانكفاء على الظروف الاقتصادية والمعيشية ويرد على منطق شعبوي يرى ان لقمة العيش الصعبة في عالمنا العربي مدعاة ومعوق لانشغالنا عن بناء مجتمع جديد اساسه العدل والحرية وتكافؤ الفرص وسيادة القانون.

ثانيا: التحرك الطلابي الايراني المدعوم شعبيا يتم في مواجهة سلطة تحتكر لنفسها حق تفسير الدين وتسعى لقولبته ضمن تفسيرها الخاص.

ان رياحا طيبة وتوقعات مفرحة وآمالا كبارا تطل علينا من بلاد عمر الخيام والشيرازي وهاشم أغاجاري وكوكبة العلماء والمفكرين الاسلاميين الذين أثروا الثقافة والتاريخ الاسلامي.