هل اختار صدام منفاه فعلا؟

TT

في تقرير للصنداي تايمز اللندنية نشر يوم الأحد 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رجحّت الصحيفة لجوء صدّام حسين ورهط من حاشيته وحرّاسه إلى منسك عاصمة بيلوروسيا، لكي تكون محطة تؤويه من الآخذين بالثأر بعد اضطراره إلى التنحي عن سدّة الحكم مكرها . وقد سارعت ناتاليا بيتيكيفتش، المتحدثة الصحافية في ديوان رئاسة الجمهورية البيلوروسية، إلى الإعلان عن «عدم وجود حقائق للتحدث بشأنها». وهذا تعبير لا يمكن أن يوصف بالنفي القاطع حسب المصطلحات الدبلوماسية المتعارف عليها. كما يصعب على المتحدثة نفي قيام عدة وفود عراقية بزيارة منسك لاستطلاع صلاحية المنفى الجديد، آخرها كان زيارة وفد من وزارة الكهرباء العراقية برئاسة وزير حل ضيفا على فندق بلانيتا الذي يطل على إحدى حدائق منسك الجميلة وذلك في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

لا شك في ان هذا الوفد قد قدّم لصدام توصية بذلك، لأن صدّام يستطيع النوم في بيلوروسيا بهدوء لا تزعجه المظاهرات الصاخبة التي سيقيمها مناوؤه في دول المهجر مطالبين برأسه، اذ لا توجد في هذا البلد جالية عراقية أصلا. وسيكون له ولمن يرافقه الوقت الكافي للعب الروليت والبلاك جاك في صالة القمار الكبرى الملحقة بالفندق كما تفعل تماما الوفود العراقية المنتدبة لزيارة هذا البلد.

لا أحد يستطيع أن يجزم بموقع المنفى الذي سيختاره صدّام، بعد أن يتأكد أن النفي هو خياره الوحيد المتبقي ، ولكن من المؤكّد أن يكون الرئيس البيلوروسي ألكساندر لوكاشينكو من أكبر المتحمسين «لاستضافة» صدّام، لأن بلاده تقف على حافة الإفلاس، وهي بحاجة ماسّة إلى الملايين، بل البلايين من الدولارات التي سيجلبها صدّام معهم. إن الرئيس البيلوروسي الذي ما زال يحكم بلده وفق الأسلوب السوفياتي التوليتاري، يقوم بكل شيء للحصول على العملة الصعبة، بعد أن باع معظم أسلحته الخردة التي ورثها عند تفكك الاتحاد السوفياتي واستقلال بيلوروسيا، إلى دول من جملتها العراق. ومن شدة إفلاس هذا النظام أنه بدأ يفرض رسما مقداره دولار واحد على كل زائر يدخل البلد بالإضافة طبعا إلى مبلغ 921 دولارا هي رسم تأشيرة الدخول.