آمال موسى والخلط بين سقراط وديكارت

TT

اولا انني مدينة، مثل غيري، لثورة الاتصالات التي اتاحت لنا قراءة «الشرق الأوسط» بمجرد صدورها. واشكر الجريدة واسرة تحريرها ورئيس تحريرها، عبد الرحمن الراشد، على رحابة صدره الاسطورية في عالم الاعلام العربي، ذي اللون الواحد والصوت الواحد واللافكر الواحد. فقد اتسع صدر اعمدة «الشرق الأوسط» للرأي والرأي الاخر، وهذا اهم عناصر الامل القليلة الدالة على اننا كعرب ومسلمين قد ننتقل يوما ما من الاستبداد الاعمى الى التعددية المستنيرة.

واود هنا ان اقول للكاتبة آمال موسى: من حقك ان تعجبي برئيس كوريا الشمالية الذي واصل ابادة شعبه بالجوع والقتل دون محاكمة، وبامكانك ان تعجبي بصدام حسين الذي قتل بدوره 200 الف من ابناء شعبه، منهم اكثر من خمسة الاف ابادهم خلال اقل من 3 ساعات في حلبجة مستخدما اسلحة جرثومية، دون ان يعرف احد ما هي جريمتهم، ربما لانهم ليسوا عربا اقحاح مثله! باختصار من حق آمال موسى ان تغار ممن تشاء وتحب من تشاء وتكره من تشاء من رجال السياسة، فالغيرة والحب والكراهية انفعالات لاعقلانية لا سلطان للعقل عليها، لكن ما ليس من حق آمال هو ان تكتب حول المرأة التونسية والعربية، في يومية دولية يقرؤها صناع القرار في العالم بالمجهر، ما لا يخطئ فيه طلاب البكالوريا في بلادها. من بين عشرات الامثلة على ما ذهبت اليه اسوق المثال التالي: يوم 12/1 كتبت آمال موسى (كأني اريد ان اقول ناسجة على منوال سقراط «انا اغار فانا موجود») لقد اشعرني هذا بالخجل، اذ لا يمكن لسقراط ابن القرن الرابع قبل الميلاد الذي كان غارقا في «نحن» القطيعية، ان يقول «انا» التي سميت في تاريخ الفلسفة «انا» الحداثة. «انا افكر اذا انا موجود»، قائلها هو ديكارت ابن القرن السابع عشر، الذي ولد في اوروبا مهد الحضارة، التي تكرهها آمال، وهذا من حقها الذي لا يجادلها فيه احد. كل الاراء من اقصى اليمين الى اقصى اليسار لها الحق نفسه في التعبير عن ذاتها، غير انه لا يجوز الخلط بين سقراط وديكارت.