اغتيالات الطلاب في الخرطوم

TT

هل هي محض صدف ان يوافق تاريخ نشر خبر نشر بجريدة «الشرق الأوسط» 23 مارس (آذار) الماضي حول مقتل اربعة طلاب سودانيين في الخرطوم اثناء اشتراكهم في مظاهرات التنديد بالحرب على العراق، ليتطابق مع نفس تاريخ حدث وقع قبل ثمانية عشر عاما، وتحديدا في نهاية مارس 1985، عندما لقي عدد من المتظاهرين حتفهم برصاص رجال الشرطة السرية؟ تقول كتب التاريخ، انه وفي نفس يوم نشأة التجمع الوطني المعارض في 26 مارس (آذار) 1985، اندلعت مظاهرات طلابية عارمة ضد الرئيس السوداني آنذاك جعفر محمد نميري، الذي كان وقتها قد غادر الخرطوم الى واشنطن للعلاج ولما توسعت دائرة المظاهرات، وشهدت الشوارع حدة الاشتباكات بين الطلاب ورجال الشرطة، سارع رجال امن الدولة بالاختلاط بالمتظاهرين متخفين بالازياء المدنية، وراحوا سرا يطلقون الرصاص عبر مسدسات كواتم الصوت على ظهور القادة البارزين في قيادة هذه المظاهرات، فسقط خمسة عشر قتيلا وبعدها بأيام تحققت انتفاضة 6 ابريل (نيسان) 1985، وبقي نميري لاجئا في القاهرة واليوم تجيء جريدة «الشرق الأوسط» لتقول ان التاريخ يعيد نفسه في نفس الزمان والمكان السوداني، وان المظاهرات التي خرجت في الخرطوم بالايام الاخيرة من مارس الماضي دعما للسلام وضد الحرب في العراق، قد اسفرت عن سقوط ضحايا برصاص رجال الشرطة! ونسأل: هل كان اغتيال الطلاب تأكيدا لولاء السلطة في الخرطوم لاميركا، خصوصا انه سبق ان اكدت الحكومة حرصها على التعاون الكامل وبلا حدود مع واشنطن؟ ولماذا يكون قمع الرأي المعارض بهذه الحدة المبالغ فيها؟ بل لماذا في الوقت الذي راح فيه وزير الخارجية (بعد مقتل الطالب الاول) يؤكد وجود حرية رأي حتى للمعارضين، نجد ان افعال المسؤولين تكذب اقوال الوزير فيسقط المزيد من الضحايا؟ ونسأل اخيرا: لماذا بين كل المظاهرات التي خرجت تملأ شوارع العالم تنديدا بما يجري في العراق، لا نجد قتلى الا تحديدا في مظاهرات السودان الحضاري؟.