مصائر الجبابرة في التاريخ

TT

اذا ما قلبنا صفحات كتب التاريخ ونبشنا فيها بحثا عن مصائر الجبابرة والقياصرة والدكتاتوريين، فسنجد انها جاءت كلها في اطار اثنتي عشرة حالة لا غير. ترى ماذا يدخر الدهر منها لصدام حسين؟ ترى هل سيتحقق له الانتصار الكامل على اميركا ويذلها تماما كما فعل من قبله هوشي منه عام 1975، فيكتب له ولنظامه الدوام والاستمرار؟ ام ان صدام سيلجأ بعد الهزيمة الى المطالبة بالحوار مع المنتصرين، على غرار ما حدث لامبراطور اليابان عام 1945 بعد تدمير بلاده بالقنابل الذرية؟ ترى هل سيلجأ صدام للتنحي من تلقاء نفسه ويسلم السلطة الى نجليه من بعده او الى كبار جنرالاته، وهي حالة ليست نادرة في التاريخ، فقد تحمل عبد الناصر كامل المسؤولية عن هزيمة جيشه في حرب يونيو (حزيران) 1967. وتنحى تماما عن السلطة لانور السادات؟ ام ان الجيش العراقي سيقوم باقالة صدام بالقوة، تماما بنفس الصورة التي سبق ان قام بها عام 1979 باقالة اللواء البكر وابقائه في السجن؟ ترى هل سيخرج صدام من العراق سرا ومتخفيا بمعاونة جنرالاته، تماما كما فعلها من قبل عيدي امين (اوغندا) بعد الانقلاب عليه؟ ام يا ترى سيخرج صدام معززا مكرما مصحوبا بأسرته بعد موافقة اميركية بنفس الطريقة التي خرج بها من قبل منغستو هايلي مريام (أثيوبيا) الى هراري (زيمبابوي)، ومن بعده موبوتو سيسيكو (الزائير)؟ هل قدر صدام ان يكون لاجئا في البرازيل او دولة البحرين، التي عرضت عليه الاستضافة والاقامة. كما ان لجوء القادة بعد افول نجومهم الى دول اخرى ليس بغريب، فهناك حالات شاه ايران ونميري ونواز شريف؟ ام سيقاوم صدام حتى الطلقة الاخيرة تماما مثل سلفادور الليندي (التشيلي) الذي لقي حتفه في سبتمبر (ايلول) 1973 تحت الانقاض ماسكا بمدفعه، ام يا ترى هل سينقلب عليه جنرالاته ويقدمونه لمحاكمة شبيهة بتلك التي جرت لشاوسيسكو التي اصدرت احكامها في اقل من ساعتين على الرئيس الروماني وزوجته، وتم اعدامهما في ديسمبر (كانون الاول) 1989؟ هل سيلجأ صدام الى الانتحار حتى لا يقع في يد الاميركان، وهو الاسلوب الذي فضله هتلر كنهاية له في ابريل (نيسان) 1945؟ ام هل ستقوم المخابرات العراقية باغتياله، وما اكثر مثل هذه الحالات في التاريخ، وما حالة اغتيال جون كنيدي عام 1963 عنا ببعيدة؟ ثم انه لما كانت حالات الغدر والخيانات كثيرة في تاريخ العراق.. فهل سيقوم اقرب الاقربين من رجال بطانته ببيعه لاميركا تماما كما فعلها من قبل في السلفادور بعض اقرب الاصدقاء لجيفارا الذين قاموا بتسليمه حيا للـ«سي اي ايه»؟

وتتدخل الشعوب احيانا في تحديد مصائر الطغاة والدكتاتوريين، اذ تقول كتب التاريخ الايطالي، ان الجماهير الثائرة في روما بعد سقوط الرايخ الثالث عام 1945 اقتحمت قصر موسوليني المنيع وحطمته وقامت باعتقاله وزوجته وضربا حتى الموت، ثم سحلا طويلا، وبعدها تم تعليقهما من ارجلهما في ميدان عام، فهل سيعيد التاريخ ذكرى السحل هذه مرة أخرى؟

واخيرا هل سيلجأ صدام الى ما يملك من اسلحة دمار وبيولوجية مخفية، ويطبق على الجميع (نفسه واهله واعدائه) شعار «علي وعلى اعدائي»، والتي هي ايضا ليست بالحالة النادرة في التاريخ، واسألوا اميركا عن هيروشيما ونغازاكي وفيتنام؟ ترى ماذا تدخر الايام المقبلة من مفاجآت، ليست فقط لصدام وانما لبوش وبلير ايضا، اللذين عرفت بلادهما ايضا كثيرا من هذه المصائر والمقادير؟