رفضنا الديمقراطية قديما.. والآن نخاف منها

TT

بصدور قرار مجلس الامن رقم 1483 اسدل الستار على نظام صدام والحكم الدكتاتوري العسكري في العراق الذي دام 35 عاما، كما اسدل الستار على الحرب غير الشرعية التي شنتها اميركا وبريطانيا على العراق دون تفويض دولي. وقد اضطرت فرنسا وروسيا والمانيا والصين السير في ركاب الدولة العظمى حفاظا على مصالحها، خاصة ان الدول العربية لم تحرك ساكنا، ولم تعرب الا بصوت خافت عن معارضتها وهكذا حققت اميركا وبريطانيا نصرا دبلوماسيا واصبغت الشرعية على احتلالهما للعراق. وامام هذا الواقع الاليم على الحكومات العربية ان تسارع الى المشاركة في اعمار الدولة العضو في الجامعة العربية العراق بالتعاون مع الدولتين المحتلتين وفي اطار الامم المتحدة بقدر الامكان، واعتقد ان اميركا سترحب بذلك، وبإنشاء نظام حكم موال لها في العراق.

وتدور الآن على محطات التلفزة الغربية مناقشات ومداولات اكاديمية وصحافية حول مستقبل العراق بعد صدام، خاصة بعد المظاهرات العراقية الصاخبة ضد قوات الاحتلال وظهور جماهير الشيعة بمظهر القوة واحتمال تحول العراق الى نظام شبيه بالنظام الايراني اذا اجريت اية انتخابات شعبية عاجلة. انا لا اظلم الاميركان فهم قد لا يعرفون سلوك العرب ولكن بريطانيا لها رصيد من المعرفة عن المنطقة ـ لقد حاولت بدورها بعد الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية احلال الديمقراطية الغربية في الدول التي استقلت وانشأت انظمة ديمقراطية تقوم على الحكم النيابي ومبدأ الانتخابات في مصر والعراق وليبيا والاردن وغيرها وكانت الدساتير فيها من اكثر الانظمة الديمقراطية تقدما، غير ان مشكلة الديمقراطية اليوم في عالمنا العربي باتت معقدة فأيّ انتخابات حرة في اي بلد عربي دون استثناء بما في ذلك العراق قد تأتي بالاحزاب الاسلامية الى الحكم. وهذا هو ما سيقلق اميركا اذا عملت على اجراء انتخابات حرة في العراق.