أيتها السيدة باينغر.. يا ليت قومك يعلمون

TT

شد انتباهي كما اثار اعجابي مقال الشاعرة والكاتبة الاميركية بت مينوسك باينغر، المنشور في "الشرق الأوسط" عدد السبت 2003/8/2، بعنوان "السعوديون.. جيراني الذين احببتهم"، فقد لخص المقال تجربة خمس سنوات عاشتها الكاتبة وعائلتها في الظهران ـ شرق السعودية. واهم ما في تلك التجربة انه لو طلب من صاحبتها ان تتذكر شيئا سيئا طول تلك السنوات لما تذكرت شيئا بالفعل ـ حسب قول الكاتبة. وهذا شعور ينم عن شيم وطباع كريمة لا تنسى المعروف ولا تتنكر لأهله.

كشفت الرسالة بجلاء ـ في مقارنة ضمنية ـ مدى ما يعانيه الغربيون في بلادهم من افتقاد الامان والاطمئنان ومن الخوف على صغارهم، حد حثهم على عدم التخاطب مع الغرباء او الاقتراب منهم، وهذا عكس ما وجدته الكاتبة في السعودية من امان، عبرت عنه بقولها "احببت الامان، خاصة بالنسبة لاطفالي الذين لم اكن بحاجة الى تعليمهم عدم التحدث مع الغرباء، وقبول الحلوى والهدايا منهم، احببت ان اخرج دون ان اغلق ابواب منزلي".

لقد غرق الغرب في الماديات واتعبه اللهاث المحموم خلف الدنيا ولذاتها وبهرجها الزائف، بعد ان تناسى فطرته الروحية وتأبى على تدينه الذي جبل عليه الانسان اينما كان، ولهذا كان وقع الاذان على اذن الشاعرة باينغر وقعا جميلا هادئا مهدهدا، عوضها عما افتقدته في بلادها، واشبع فيها غريزة التدين الفطري، واشاع في نفسها الامن والامان والاطمئنان، فأحبته. تقول الكاتبة "احببت النداء للصلاة خمس مرات في اليوم، واقفال المحلات وظهور شارة التوقف على شاشات التلفاز، احببت الجلوس على الدرج الرخامي لمحل مغلق بسبب الصلاة، وتضيف "احببت بالذات نداء الصلاة الاخيرة مساء.. حين يصلني وانا اتنزه مشيا على الاقدام".

يؤكد موقف السيدة باينغر المنصف للمسلمين في اميركا، ورفضها لما يلقونه الآن من معاملة "ليست عادلة اطلاقا"، واستهجانا للشعار الذي اعلنه رئيس بلادها "من ليس معنا فهو ضدنا" ان في الغرب اصواتا كثيرة عاقلة منصفة، لكنها تضيع في جلبة العنصريين والمتعصبين، الداعين الى صدام الحضارات، وتناحر الشعوب والثقافات.

ان بعض قومك ايتها الكاتبة المنصفة، يريدون حرماننا من نعمة الامن والامان التي وجدتها واحببتها في بلادنا.

جميل منك ايتها السيدة باينغر حرصك على ان يصل شعورك وموقفك المنصف هذا الى جيرانك السعوديين واجمل منه حرصك على وصوله الى جيرانك الاميركيين.. فيا ليت قومك يعلمون.