لو كانت رغد شجاعة لفعلت ما فعلته ابنة كاسترو

TT

لا اعرف بالتحديد لماذا انشغل الناس بجثتي قصي وعدي الى درجة ان اطلق البعض صفة الشهادة على هذين الفتيين اللذين لم يريا يوما واحدا بائسا في حياتهما، بينما مات وقتل الآلاف (ولا أقول الملايين لكي لا اثير حفيظة بعض القوميين العرب) من العراقيين قتلا وحرقا وتعذيبا وسحلا وثرما وتقطيعا.. الخ.. الخ.. من دون تغسيل او دفن على الطريقة الاسلامية. هل لأن هذين الهرَّين من احفاد الائمة الابرار؟ او لأنهما من الشهداء الصالحين الذين دافعوا عن تربة العراق واستشهدا في سبيله؟

تحدثتا ابنتا صدام رغد ورنا من الاردن عن والدهما صدام، كأنه طارق بن زياد او صلاح الدين الايوبي، حيث قالتا ان والدهما الشجاع الهمام تعرض الى خيانة من اقرب الناس اليه وبهذا سقطت بغداد بهذه السهولة، حسنا لا ضير بذلك، لكن تقول رغد انها تحب والدها وكان أبا طيبا، رحيما، رؤوفا، خصوصا من جانب البنات، لله درك يا صدام، حيث خرجت من صلبك هاتان الفتاتان البارتان بوالدهما الذي قتل ازواجهن شر قتلة، ويتَّم ابناءهما التسعة. ماذا يا رغد عن العراقيين الذين قتلوا وماتوا على يدي والدك الرحيم، الرؤوف؟ هل والدك من جانب العراقيين شديد العذاب ومن جانب عائلته وبناته رحيما؟ وهو الذي لم يغفر لحسين كامل واخيه وبعض اقربائهم؟ انه والله الاستخفاف بملايين العراقيين الذين ذاقوا على يد صدام الموت الزؤام، واصبح العراق بلدا خربا ومحتلا.

ان ابنة فيدل كاسترو الرئيس الكوبي واطول الرؤساء حكما في التاريخ المعاصر، هربت من كوبا، ليس لأن اباها غير عطوف عليها وعلى اخواتها وشديد العقاب على الشعب الكوبي المغبون، لكن لأن اباها فيدل كاسترو، الدكتاتور العنيد الذي يحكم بلاده بقبضة من حديد ولا يسمح بأي اصلاحات او اي مرونة في حكمه تمكن من رفع الحصار الاميركي المفروض على بلاده، الا ان كاسترو افضل بكثير من صدام حسين بشهادة منظمة حقوق الانسان. ابنة كاسترو عارضت اباها وقررت الانضمام للمعارضة الكوبية وهي تعمل من اجل الاطاحة بحكمه. لأنه دكتاتور، واي دكتاتور بغيض يجب ان يرحل حتى لا يقف حجر عثرة في وجه التاريخ.

كنت اشاهدك عندما كنت تأتين إلى الجامعة المستنصرية، قسم الترجمة عام 1986، حيث كنت في المرحلة الرابعة وانت في المرحلة الاولى، مصحوبة بالحماية واتذكر كيف كان يتصرف زوجك الراحل وحمايته، حيث يجتاح الرعب الطلاب جميعهم والاساتذة وكل من تعامل معهم كأنهم قطيع وهو الذي لا يحمل الشهادة الابتدائية ان تتذكري تلك الايام.

من حق الانسان ان يحب ويحترم اباه حتى اذا كان من المجرمين في العالم، ولكن من الانصاف والعدالة ان يكون الابن شجاعا وجريئا لكي يقدم الاعتذار عما فعل والده لضحاياه، لا ان يتحدث امام الفضائيات عن عدل أب دكتاتور.