سوسن الأبطح تكتب للأطفال الجدد عن مسخ تقمص أجدادهم

TT

سوسن الابطح.. ما زالت في كل ثلاثاء تعمل (بمشرطها الحاد)، في جسد المجتمع العربي المليء بالسرطانات المتقيحة في مهمة صعبة للعلاج.

تذكرني هذه (النطاسة) البارعة، ببطلة تلك الافلام التي تدور قصتها حول كائن مخيف، يظهر نتيجة تجربة معملية معقدة أو ما شابه، بسبب اختلال في جيناته، ويصير مسخا مشوها، ومن ثم ينشر الموت والخراب في المجتمع، وعندما يموت يذوب جسده مكونا مادة هلامية خضراء أو ما شابه!! طبعا في نهاية تلك الافلام الخيالية تنجح تلك البطلة (العالمة) في السيطرة على الوضع مكتشفة سبب الخلل الجيني ومصصحة الوضع ويكون الجميع سعداء.

لكن.. يبقى سؤال الواقع، هل سيكون سهلا على سوسن الابطح وغيرها، القضاء على هذا المسخ المتقمص لاجساد المجتمعات العربية، والذي يعيش على السهر والرقص والاكل والشرب والنوم وابتلاع اكوام من المكسرات والمثلجات؟

عندما ينصرف العرب عن صرف المليارات على اللهو كل عام، وعندما تزداد رحلات الطيران جيئة وذهابا، شرقا وغربا وهي محملة باطنان الكتب وادوات الثقافة بدلا من اطنان العرب مع عفشهم. وعندما يقبل العرب رجالا ونساء على مجالسة كتاب بدلا من الجلوس والبحلقة ببلاهة في نانسي عجرم وباسكال والتمايل مع كفوري وراشد الماجد، وعندما تفلس الفضائيات الطروبة وتسرح مذيعات الربط والفك الصيفيات اللائي يطغى نصفهن الاجنبي على النصف الآخر العربي. عندها فقط ستجيب سوسن الابطح على السؤال متنفسة الصعداء، واضعة المشرط جانبا، تشرب قهوتها بهدوء وتكتب للاطفال (الجدد)، قصصا عن ذلك المسخ الخرافي الذي كان في زمان بعيد متقمصا لاجساد اجدادهم وجداتهم.