فاخر جاسم يخلط الدولمة بالباذنجان

TT

بعض الكتاب العراقيين تخونهم الذاكرة أو تنقصهم المعلومات الأرشيفية المتعلقة بتاريخ مواقف القوى السياسية العراقية، فيخلطون السمن بالعسل و(الدولمة بالباذنجان)، ولا يعرفون أن المسؤولية تقتضي احترام ذاكرة القارئ سواء كان عراقياً أم عربياً.

أقول لفاخر جاسم الذي أقرأ له لأول مرة، أن ما أورده بشأن تصنيف القوى المؤيدة والمعارضة للحرب الأمريكية الأخيرة ضد النظام البائد، لا علاقة له بمواقف تلك القوى. فقد جاء في تصنيف جاسم أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، كان من بين القوى السياسية العراقية التي وافقت على قرار الحرب ودعمته، في حين رفضه الحزب الشيوعي وبعض القوى الوطنية والقومية. ولا أعرف من هي هذه القوى الوطنية والقومية التي وقفت ضد قرار الحرب. فإذا كان يقصد بعض (البلابل والعصافير) التي كثر موسمها في باريس ولندن والولايات المتحدة، فأرجو أن يفرق بين البلابل والقوى السياسية القديرة والجديرة بالتمثيل السياسي. وبقدر ما يتعلق الأمر بالمجلس الأعلى فأود لفت نظره الى أن المجلس لم يقبل بقرار الحرب، ورفض استخدام القوة في حل هذا النزاع، واعتبر اللجوء إلى القوة العسكرية لإسقاط نظام الفاشية في بغداد قراراً عسيراً وخطيراً وستكون له انعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة. وأتذكر أن قيادة المجلس الأعلى طرحت، مشروعاً نشر في حينه، في أغلب الصحف العربية، مفاده استخدام الأدوات المدنية والجهود الدبلوماسية لإجبار قيادة النظام السابق، وعلى رأسها صدام، على مغادرة العراق وتسليم السلطة للقوى السياسية الوطنية، وتنظيم انتخابات ديمقراطية بإشراف دولي. الجدير بالذكر أن هذا المشروع أفسح المجال أمام المشاريع العربية التي تتالت بعد ذلك، ودعت قيادة النظام السابق الى الرحيل عن السلطة وتجنيب العراق الخراب والدمار ومآسي الحرب. ما أود أن أقوله أن المجلس الأعلى لم يكن في خانة مؤيدي السياسة الأمريكية وقرارها بشن الحرب، بل عملت قيادته من أجل الإسهام في تجنيب العراق وشعبه ويلات الحرب لذلك أدعو فاخر جاسم إلى التروي في إصدار الأحكام والعودة إلى أرشيف المواقف، مع أنني أملك معلومات شبه مؤكدة تدحض تصنيفه للحركات والأحزاب المؤيدة والرافضة للحرب الأمريكية إلى الحد الذي أستطيع القول من خلاله أن تصنيفه يقع بالعكس تماماً من أرشيف الوقائع التاريخية السابقة، فهناك أحزاب سياسية كانت مؤيدة وضعها جاسم في خانة (الرافضة) والعكس صحيح.