نعرف كيف نتعامل مع أميركا وليبقَ العرب وقواتهم بعيدا

TT

قرأت مقال فهمي هويدي الذي اقترح فيه ارسال قوات عربية لاستبدال القوات الاميركية وتجنيب العراق كارثة الفراغ الامني، ولا اخفي ان المقترح يبدو ـ للوهلة الاولى معقولا، بل جذابا. فالعراق ـ وعلى الرغم من انوف الكثيرين ـ عربي، بل منبع العرب. ذلك ان الجميع يعرف ان العرب هم ذرية الاكديين وما على المنصف الا مراجعة التاريخ متجردا من التعصب، ليدرك ذلك. لكن المشكلة التي تواجهنا الآن، هو مفهوم القوات العربية. فالقوات العربية هي قوات تابعة لحكومات «عربية» ليس لها من العروبة سوى اسمها. واذا كانت الحكومات الاميركية تخاف من شعبها وتخاف على سمعتها ـ بدرجة من الدرجات ـ فان الحكومات العربية لا تخاف. ثم هل نستطيع الثقة بالقوات العربية للاشراف على انتخابات حرة في العراق؟ ومن يضمن لنا ان لا تنصب القوات العربية حكومة على شاكلة مثيلاتها العربيات؟ وهل يعتقد هويدي مثلا، ان حكومة مصر اكثر استقلالية عن الاميركان من مجلس الحكم العراقي الذي نصبته اميركا نفسها؟ وهل يتمتع الشعب المصري ـ الآن ـ بقدر الحرية التي يتمتع بها الشعب العراقي تحت الاحتلال؟ واقول للكاتب صراحة ـ ان الشعب العراقي كله ـ تقريبا ـ يحقد على العرب الذين وقفوا مع صدام وخدموه. وحين اضطر ملايين العراقيين الى مغادرة العراق هربا من الدكتاتورية، فهل آوتهم البلدان العربية؟ هل قدمت لهم الحماية او حسن الاستقبال؟ فلماذا اذن نثق بالحكومات العربية وبقواتها؟ ما الذي يذكره العراقيون من اياد بيضاء للعرب الرسميين يجعلهم يثقون بهم؟

ليسمح لي الكاتب بالقول ان اصحاب الفكر القومي لا يثقون بشعوبهم، ولا يهمهم مستقبلها، ولا سعادتها. لا يهمهم الانسان بقدر ما يهمهم ان يحكموا. ولنا في عبد الناصر وصدام امثلة شديدة الوضوح للبرهنة على ذلك.