مشايخ التكفير.. ومذهب الذبح..!

TT

طالعت باهتمام عمود عبد الرحمن الراشد بعنوان «التكفيريون بلا مشايخ» المنشور يوم الثلاثاء 2/12/2003، ووجدت أن الكاتب على حق، لأن التكفيريين إذا رفع عنهم غطاء بعض المشايخ الذين يتحدثون عن (بركة العمليات الاستشهادية)، ويحثون الأجيال العربية الطالعة على الزواج من الحور العين، بدل الانغماس في نزوات الواقع العربي المباح وأوضاع الأمة الإسلامية المزرية، فإنهم لن يستطيعوا بعد ذلك إقناع أحد بـ(أحقية) القتال بالنيابة، وليس بالأصالة، دفاعاً عن الأمة وأهدافها وطموحاتها في العزة والكرامة والرفعة.

أود أن ألفت النظر الى أن التكفيريين يقاتلون نيابة عن منهج لا علاقة له بطموحات الأمة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بل بالنيابة عن مشايخهم الذين يحثونهم على القتل والذبح دون أن يمر (فكر التنوير) يوماً من أمام منصة عقولهم القادمة من مجاهيل مدارس التضليل في قندهار وكهوف تورا بورا. لذلك فالمطلوب إعادة إحياء قيم الوسطية الإسلامية التي تدعو إلى تسوية حقيقية بين الأمة وقياداتها السياسية. وإنني لأعجب أيها الكاتب من بعض الأنظمة السياسية التي لا تتورع عن تقديم كل التنازلات المطلوبة لإيجاد تسوية مع إسرائيل، لكنها (تستنكف) عن إجراء معالجة أوضاعها مع شعوبها عبر إيجاد تسوية شاملة ونهائية خدمة لمستقبل التنمية والتطور والرفاه والأمن والاستقرار الذي ننشده جميعاً. إن المطلوب تسوية تقطع الطريق أمام المضللين والمشككين بقدرة الشعوب العربية على تجاوز مجمل التحديات العاصفة التي تمر بها، عندها لن تبقى لفتاوى مشايخ التكفير أية قيمة فكرية أو سياسية، في ظل محاولات البعض إيهام الرؤية الاجتماعية العامة في الأمة، من أن هؤلاء المشايخ قادرون على زعزعة أوضاعنا الأمنية بغية الاعتراف بوجوداتهم الهشة وغير القابلة للتطور الرافضة لمنطق التنوير. إن (جاذبية) مشايخ التكفيريين تكمن في ارتداداتهم عن فتاوى القتل والذبح التي شرعوا بكتابتها بغية قتل مارد النهضة الإسلامية الوسطية الحقيقية في الأمة، وإلا لو كان هؤلاء التكفيريون على يقين ومعرفة وإدراك كامل لـ(شرعية) مذهب الذبح والتنكيل والعدوان واستهداف المؤسسات لما خرجوا علينا وهم يتجلببون بثياب الارتداد عن مناهجهم السابقة. إنني أتوقع ازدياد عدد فقهاء التكفير المرتدين عن منهج العدوان لسبب بسيط، هو غلبة الوسطية وواقعية خطاب السعودية السياسي في التعامل مع المتطرفين ومشايخهم. وهنا أقول لأول مرة تفلح قيادة سياسية عربية في امتصاص زخم أكبر الجماعات العدوانية الإرهابية وتعطيل مفاعيل عملياتها الحاقدة، بدليل عدد الذين سلموا أنفسهم للسلطات الأمنية، والتفاف الأمة حول تكفير الجماعات الإرهابية ونبذها وهجرها. وإنني لأتوقع قيام تيار يكفر الإرهاب ويهجره، وسيزداد هذا التيار كفاءة وقدرة بعد أن فشل تيار التكفير والهجرة من تحقيق أهدافه في تكفير الأمة وهجرها!!