لعطا الله: إذا كنت لا تقرأ، فلم هذه الكلمات الحمالة للأوجه..؟

TT

سمير عطا الله علم من اعلام الصحافة العربية، لذلك فإن ما يكتبه في عموده اليومي محسوب عليه. ورغم حقه في أن يعبر عن أفكاره بحرية فإن هذا الحق مشروط باحترام عقل قرائه وهم كثر. عطا الله في رؤيته لآفاق وثيقة جنيف يتحفنا بأحجية عن صانعي الوثيقة الأبرز، عبد ربه وبيلين، ولا ينسى أن يضع عليها بهارات من تلك التي يجيدها. عبد ربه بعد اكثر من سنوات طويلة مضت على طرده من صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ما زال حسب عطا الله محسوبا عليها. والجبهة ذابت في «فتح».. هكذا دفعة واحدة. موقف قد يبدو محيرا من احد الكتاب الرواد، لكن تبيان هذا سهل فهو يعود ليعترف بأنه لم يقرأ وثيقة جنيف التي يكتب عنها، وهو لم يقرأ من قبلها بشكل مدقق خطة خارطة الطريق، قرأها «كمن يقرأ عناوين الصحف في أكشاك المترو على حد تعبيره». وهو يقول: «أدركت ان الذين اطلقوا الرصاص على ظهر رابين بدأوا باطلاق المدافع على جثته، ومن يومها قررت الا اضيع الوقت في قراءة أي شيء». هو لا يقرأ اذاً، ولعله لا يتعب نفسه في قراءة ما صدر وما يصدر عن الجبهة الديمقراطية من مواقف، ورغم كل هذا، فهو يسمح لنفسه في اطلاق احكام قطعية من دون تكلف عناء اثبات ذلك.

الاستاذ سمير عطا الله رأى مع رابين املاً بالسلام قتل بمقتله، ولا نعرف أهو مديح أم ذم، اذ يكتب عن عبد ربه وبيلين«.. عن رجلين يمثلان وسط هذه الجثث والحرائق وبرك الدماء مجرد حنين رومانسي الى مستقبل افتراضي، يقف في وجهه جدار شاهق من شهوة القتل وحضارة الموت».

استاذ عطا الله اسمح لي ان اقول لك بدلاً من هذه الأحجيات والكلمات الحمالة للأوجه إنه من حق قرائك عليك ان تحترم عقولهم، فما يقف في وجه وثيقة جنيف فلسطينياً هم جموع اللاجئين الفلسطينيين الذين ستضيع حقوقهم واصحاب الارض الشرعيين الذين ستسلب ارضهم ولم يعط لهم في الوثيقة شيء من الحرية والاستقلال وستغتصب قدسهم، أما اسرائيلياً فأطماع شارون واليمين الصهيوني التي لا تقف عند حد هي التي ما زالت تعطل اي حل متوازن، ولأني قرأت وثيقة جنيف اقول لكم انه لا يمكن لمثل أفكارها ان تأتي بحل متوازن وشامل.

واخيراً أقول للأستاذ عطا الله: لا اعرف اذا كانت للموت حضارة، واذا كانت ثمة شعوب لديها شهوة القتل متأصلة. من تقصد بذلك. كلماتك الحمالة للأوجه قد يفهم منها مساواة القاتل بالضحية. حتى لو كان كاتب المقالة علم من اعلام الصحافة فهذا لا يعني بأن تصبح الاحجيات والطلاسم افكاراً عظيمة تستحق الكتابة.

استاذ سمير عطا الله من حقنا عليك ونحن نتابع ما تكتب ان تقرأ كي تكتب من وحي ما تقرأ يقيناً، حتى لا نضيع معك في متاهات الاحاجي، ولكم منا واسع التقدير والاحترام لشخصكم الكريم ولما تمثلونه في صف الرواد الأوائل صحافياً على امتداد الوطن العربي.