غسان الإمام في حالة من التهور مع التاريخ

TT

في عدد «الشرق الأوسط» تاريخ 29 يوليو (تموز) 2003، كتب غسان الامام عن البعث في العراق وسورية، ويقول ان صدام يحمل الشهادة الثانوية. ولكن بعد سقوط بغداد 9 ابريل (نيسان) الماضي، تناولت وسائل الاعلام سيرة صدام وقالت انه يحمل اجازة في الحقوق، وهو الذي درس الحقوق في القاهرة. وحول ذلك أذكر غسان الامام بالأمر الاداري بتاريخ 11 يناير (كانون الثاني) عام 1966 وموضوع تأجيل امتحان طلبة موقوفين، حيث تم ايقاف الطلاب: حازم محمد سعيد عبد الرحمن ـ صدام حسين التكريتي ـ طلال فنر الفيصل، وكلهم من كلية الحقوق، وتم توقيفهم في سجن آمرية الانضباط العسكري، وبناء على طلبهم تم تأجيل امتحاناتهم في كلية الحقوق الى الدور الاول للسنة الدراسية 1965 ـ 1966 «كتاب حكومة القرية .. تأليف طالب الحسن ـ بيروت ـ 2000».

ويذكر غسان الإمام ايضا (لم يحترم صدام مسيحية ميشيل عفلق لأن صدام قد صلى على عفلق بعد موته).. ايضا هنا لي ملاحظة فقد كتبت «صافيناز كاظم» في «الشرق الاوسط» عن ميشيل عفلق ولاحظت في كلامها نوعا من اسلامية عفلق وحتى ان لم تصرح بذلك علنا وهي التي التقت معه في بغداد، ولكن كانت اسلامية مفروضة عليه؟ وعلى الرغم من ذلك كان ميشيل عفلق متآمرا على الحزب.

ويقع غسان الامام مرة اخرى في المغالطات حيث يقول: «راح البعث العراقي يقدم ـ قبضايات ـ الحزب على مثقفيه وساسته المحترمين»، وقد ذكر قبل ذلك «بأن عفلق ارتكب خطأ العمر تكلف ذلك بانهاء حياته السياسية»، وايضا يؤكد على ان صدام والبكر قد جردا عفلق من كل نفوذ سياسي، او فكري.

ويتمادى غسان في تشويه الصورة ليؤكد ان سقوط قيادة علي صالح السعدي جعلت عفلق يقوم بممارسة سياسة المؤامرة للوصول الى السلطة وهو الموضوع رهن الاقامة الجبرية. اما قول غسان الامام ان ميشيل عفلق كان في الارجنتين فهذا تهور تاريخي آخر فقد كان في البرازيل. وقد قام صلاح عمر العلي عضو مجلس قيادة الثورة الاسبق بزيارة البرازيل للمصالحة مع عفلق وبالتالي ترتيب عودته الى بغداد (عام 1968).

وكان صدام حسين قد زار بيروت لهذا الغرض.. وايضا يقول الامام ان عبد الرزاق النايف كان القائد العسكري للانقلاب، والذي كان معاون مدير الاستخبارات العسكرية في عهد عبد الرحمن عارف. وقد علم بالانقلاب عن طريق احد ضباطه المشاركين بالانقلاب، وتم ضمه في آخر لحظة علما ان احمد حسن البكر كان من الضباط العسكريين، وكذلك حردان التكريتي. اما النايف فلم يكن مدرجا ضمن الانقلابيين.

ويقول الامام لقد تطوع صدام لخوض حرب امريكا ضد ايران. ايضا هنا يجافي الامام الحقيقة.. لأن اهداف صدام كانت تتلخص منذ عام 1978 حيث التقى في مؤتمر عدم الانحياز في هافانا مع الدكتور ابراهيم يزدي وزير الخارجية الايراني ودام اللقاء اكثر من ساعتين. حيث يقول صدام بعد ذلك اللقاء للسفير (صلاح عمر العلي): «ان الضباط في ايران يتعرضون للاعتقال، والامور عرضة للتدهور، ووضع ايران مفكك، فقد نستطيع ان نسترجع حقوقنا، يجب ان لا نفكر بالحل السلمي، سأكسر رأس هذا النظام وسأسترجع شط العرب».

وقد وقع صدام عام 1975 اتفاقية في الجزائر مع شاه ايران لتقاسم مياه شط العرب، اما علاقة صدام مع الولايات المتحدة، فالعراق لم تكن له علاقات مع واشنطن منذ عام 1967 وحتى عام 1983.

ومن الطبيعي ان المواجهة مع ايران (1980 ـ 1988) تطلبت يومها لضرورات عسكرية التعاون مع اميركا وغيرها؟!