.. وبعضهم له مكيالان ومعياران أيضا

TT

ردا على مقال الدكتور سمير عطا الله، في 25 ديسمبر (كانون الأول)، بعنوان «ما بين الروضة ووادي ظهر»، أشير إلى أن الازدواجية والكيل بمكيالين، هما السِّمة البارزة لدى البعض من كتّابنا العرب حسب ما تمليه بوصلة المصالح!، فعندما ينادي كتّاب مثل محمد حسنين هيكل، بمراعاة معايير الزمان والمكان عند الحديث عن التجربة الناصرية، يتغافلون عن ذلك عند الحديث عن التجربة الإمامية في اليمن، ويصرّون على محاكمة عصر الإمام يحيى بمعايير اليوم.

وعندما يقر الكتّاب بأن الحداثة ما زالت إلى اليوم (ونحن في الألفية الثالثة)، تستعصي على القطاع الأكبر من مجتمعات الجزيرة العربية، بسبب خصوصية الأعراف والقيم والتقاليد الدينية والاجتماعية المتوارثة، التي لا يمكن تجاوزها بجرة قلم، يتناسون كل ذلك عند الحديث عن عهد الإمام يحيى في العشرينات والثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، ويصرون على أن الإمام كان يجب عليه أن يقفز على الحالة الذهنية المحافظة السائدة في ذلك الحين في الجزيرة العربية، والمتجذرة في العقول والقلوب، وأن يتجاوز حقائق جغرافية اليمن الوعرة وتدرج الإيقاع الزمني لحركة التاريخ بحشر الجمل في سمِّ الإبرة.

ولا بأس من أن يصبح تاريخ الإمام نهباً مباحاً للمغرضين واتهامه بالبخل واستخدام السُّخرة، والسبب في المجاعة ما دام انه لم تعد هناك للإمام دولة تدافع عن سيرته، ولا مدد يرفد أقلام الكتّاب والصحف. والحقيقة ان كل ما يقال يتنافى مع أبسط مبادئ العقل والمنطق، ولا يخرج عن إطار مماحكات ومزايدات الخصوم السياسيين وما يتبع ذلك من تصفية للحسابات السياسية، ويحتاج إلى دليل لإثباتها، فما أسهل إلقاء الأحكام جزافاً ورمي الاتهامات، وما أصعب التوثيق والإثبات والتحقق.