وزير الثقافة المصري فاروق حسني يرد على فاضل السلطاني: نثقف السياسة ولا نسيس الثقافة

TT

أود ان انتهز هذا التواصل لأعرب عن اهتمامنا بما تنشره جريدتكم الشهيرة، خاصة في ما يتعلق بالشأن الثقافي المصري والعربي والعالمي.

إلى ذلك، فقد طالعت ما نشره الكاتب فاضل السلطاني في زاويته بـ «الشرق الأوسط»، (عدد فبراير (شباط) 2004) بعنوان «لعب عربي في الوقت الضائع»، وفيه تناول العديد من الموضوعات الخاصة بالمشاركة العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب 2004 ومن بينها قوله: «هناك مجرد تصور للعمل» كما يقول وزير الثقافة المصري، لكن هذا التصور محكوم، منذ البداية، بمحدوديته، فهو يعتبر المعرض حدثا سياسيا، وليس حدثا ثقافيا، واذا انطلقنا من بداية كهذه، فلا بد ان يكون الفشل محتوما لأننا سنحصر انفسنا في اطار ضيق، هو الاطار الرسمي الذي اثبت عدم جدواه في مثل هذه المناسبات اكثر من مرة».

والحقيقة ان الكاتب الفاضل، لم يطرح اسئلة تستفز اجابات جديدة قد نعرف من خلالها: ما العمل؟ من هنا فنحن لا نقدم حلولا أو اجابات، بل نوعا من الايضاحات من بينها:

ـ ان الحكم «المطلق» الذي دمغ به الكاتب «تصورنا للعمل» استنادا الى كونه يعتبر المعرض «حدثا سياسيا»، يحتاج الى تدقيق، إذ ان التصور الذي اسهمنا به مشحون بخيال وافكار لا يحدها سياج السياسة الرسمية، فنحن اردنا عبر هذا التصور ابهار العالم بتراثنا الحضاري والفكري (شكلا ومضمونا وهدفا)، فضلا عن تقديم انفسنا (فكرا وعلما وأدبا وثقافة) وفق صور ليست بعيدة عن ايقاع كون الألفية الثالثة.

أما ما يظنه السلطاني من ان اعتبار المعرض حدثا سياسيا سيكون سببا لفشل (هذا التصور.. و) المشاركة العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، فهو امر بديهي قد نؤيده فيه ان قال لنا بالضبط: اية سياسة يقصدها؟

اننا نؤكد ان العمل الثقافي الجاد والخلاق يصنع السياسة، والعكس ليس صحيحا إلا في عصور الثقافة الموجهة، فضلا عن ان عالمنا العربي متهم حاليا (سياسيا)، صحيح ان السياسة كدليل اتهام لنا مجرد قناع، لكننا ندرك ان الاتهام والتخوف الحقيقي هو من ثقافتنا وتراثنا الحضاري والثقافي، ومن هنا فإن التصور الذي وضعناه يؤكد ان الفعل الثقافي المبتكر والوعي سيسهمان في تغيير النظرة السياسية ـ التي تحمل اتهاما استباقيا ـ لعالمنا العربي وثقافته.

ولعل الكاتب يرى معنا ان المشاركة العربية في هذا التجمع الثقافي الدولي هي حدث «سياسي»، لكنها في حقيقتها ـ وطموحها ـ فعل «ثقافي»، يتوقف نجاحه على توافر تصورات للعمل، وقد انتهينا من وضعها، بالاضافة ـ وهو الأهم ـ الى الدعم المادي الذي يراه الكاتب سهل المنال، وان كنا نرى العكس، وأؤكد ان تخوفه من ان الاطار الرسمي سيحصر (المشاركة) في اطار له امر مستبعد تماما فنحن نقول دائما: «اننا نثقف السياسة، ولا نسيس الثقافة».