كل سوداني يريد التمرد يندد بالتهميش

TT

ردا علي مقال الكاتبة هدى الحسيني المنشور في 19 فبراير، اقول اننا تعودنا في السابق على قراءة ما يكتبه بعض اللبنانيين المهتمين بالشأن السوداني، أمثال كريم بقرادوني وسمير عطا الله، ومن قبلهم فؤاد مطر، الذي يعلم السودانيون جميعا مدى عشقه وتعلقه بهذا الوطن المنسي من قبل معظم الكتاب العرب. ولكن كان مستغربا أن تبادر هدى الحسيني بالكتابة في هذا الخصوص، وهذا ما دعاني الى توضيح ما يلي:

أولا: واضح أن الكاتبة استقت بعض معلوماتها من الشخص الذي أشارت إليه في مقالها، وهي معلومات منقوصة ومغلوطة. فأنا كسوداني مراقب للأوضاع في منطقة دارفور منذ انطلاق الرصاصة الأولى في تمردها، أقول بأن كل ما جاء في مقالها عن الرئيس التشادي وجذوره صحيح تماما، لكنه، وللحق قام بدور نزيه في المحادثات التي احتضنتها بلاده، الى ان تحقق لديه ان وراء تمرد دارفور أجندة خارجية لا تريد حلا للمشاكل ولا خيرا للبلاد، فرفع يده عن المفاوضات، ورفع تقريرا في هذا الشأن يحمل الحركات التي تمردت في دارفور كامل المسؤولية في افشال مفاوضات أبشي الأخيرة، التي جاءتها وفود تلك الحركات بأجندة ومواقف مختلفة عما تم الإتفاق عليه في جولة المفاوضات الأولى.

ثانيا: لو كان لهؤلاء المتمردين مطالب عادلة وكانت أهدافهم مشروعة لكانوا تجاوبوا مع مبادرة الرئيس التشادي، وتفاوضوا مع الحكومة، التي نشهد بأنها قد عمدت الى تنمية ولايات دارفور بأكثر مما فعلت معنا نحن أهل الشمال. لقد بات كل من لديه أجندة ما يرفع السلاح في وجه الحكومة متذرعا بالتهميش والتخلف وعدم الإنصاف والعدل في التنمية ومسؤولية الحكم وهلمجرا. ويكفي أن استشهد هنا بعبارة للدكتور رياك مشار، مساعد الرئيس البشير السابق وأحد نواب قرنق حاليا، والذي زار الولاية الشمالية إبان فترة تحالفه مع الحكومة، وأطلق من هناك تصريحه الشهير، بأن الفرق بين الشمال والجنوب هو أن الجنوب به غابات يلجأ إليها المتمردون بخلاف الشمال الذي لا يجد فيه من أراد ان يتمرد غابة يدخلها. وهو اعتراف صريح من جنوبي مسؤول بأن ما رآه في الشمال من تهميش وتخلف لا يختلف كثيرا عما رفع بسببه لواء التمرد. وبعد كل هذا هل نعتبر التهميش والتخلف في دولة بهذا الحجم من الأطراف والفقر والحروب الأهلية المتصلة، سببا لكي ينقض علي جثتها المتهالكة بعض أبنائها بدلا من الجلوس مع بعضهم البعض للتشاور والتفاهم على كيفية معالجة الامور.