الحق على أهل دارفور!

TT

من متابعتي لـ«الشرق الأوسط» لاحظت ان هامش الحرية المتاح على صفحاتها لانتقاد الحكومات العربية يصل الى حده الاقصى في حالة السودان. وهو امر محمود، فأرجو ان يتسع حتى تترسخ ثقافة النقد البناء الذي لا يستغني عنه اي حكم مهما اوتي من اسباب الرشد والحكمة.

ورغم تسليمي بأخطاء ارتكبتها حكومة السودان، إلا انني ارى كتابات محمد الحسن احمد تنزع للنقد الجذري لحكومة السودان، بطريقة ارى انها في بعض الاحيان بعيدة عن المنهجية، الأمر الذي يكلفه مجهودا كبيرا ليوضح للقارئ وجه الخطأ في «كل» سياسات الحكومة ونزوعه الى استخدام الفاظ تجعلنا نعتقد اننا امام حكومة تحترف الفشل وتقصده، وتمارسه حتى ضد مصلحتها، ولا يأتي منها الصواب إلا على سبيل التراجع والرضوخ.

وفي مقاله بتاريخ 2004/2/26 ادان الكاتب ما سماه عنف الحكومة في مواجهة متمردي دارفور، ولم يفعل ذات الشيء في حق المتمردين الذين اتخذوا العنف لارهاب بعض قبائل دارفور اولا قبل الحكومة، وتناسى ان الحكومة لم تبدأ حملتها العسكرية الا بعد مهلة طويلة، غامر خلالها بعض كبار المسؤولين بالذهاب للمتمردين في مناطقهم لسماع رأيهم، ورأى المتمردون في ذلك مؤشر ضعف في الطرف الحكومي، الامر الذي جعلهم يرفعون سقف مطالبهم، مما افشل مهمة الوفد. والسؤال هنا هل خفف التمرد من مشاكل دارفور ام فاقمها؟

ايضا حاول الكاتب تبرئة حزب الترابي من فتنة دارفور، في حين ان الحزب لم يخف غبطته بها، مؤملا ـ في قصر نظر واضح ـ ان تخدمه في نزاعه مع الحكومة، بل ان الترابي سارع الى «شكر» المتمردين في اول تصريح له بعد خروجه من الاعتقال التحفظي. ولم ينف مشاركة بعض كوادر حزبه في التمرد، واعتذر بأنهم لم يستأذنوه، رغم تأكيده انه لا يدين فعلهم! هناك اسئلة كثيرة بدون اجابات، لجهة تمويل الفتنة وتوقيتها، وانضمام قادتها للتجمع المعارض في الوقت الذي لم يجف فيه مداد اتفاق جدة بين الحكومة والتجمع، واختطاف البعض لمعاناة اهل دارفور لخدمة مآرب اخرى.