العمل العربي المشترك: آفات وحلول

د. ابراهيم قويدر

TT

استوقفني مقال آمال موسى المنشور في «الشرق الأوسط» بتاريخ الرابع والعشرين من مارس (آذار) الماضي تحت عنوان «هل انتهى العمل الثقافي العربي»؟ وعنوانه الفرعي الغاضب «برهن العاملون في المنظمات العربية المشتركة بأنهم غير قادرين على التعامل فيما بينهم برقي».

إننى إذ أشكر للكاتبة تناولها لموضوع، له أهميته القصوى، أؤكد أن ما تضمنه المقال من أوجاع إنما يعبر عن علة حقيقية تعانيها مؤسسات العمل العربي المشترك، وإنني اتفق مع ما عبرت عنه من آراء حيث انها متسقة إلى حد كبير مع الواقع. وأنقل هنا وجهة نظري من خلال تجربتي كمدير عام إحدى مؤسسات العمل العربي المشترك، وهي منظمة العمل العربية، وأود أن أشير إلى أن المشكلة الأساسية للعاملين في منظمات العمل العربي المشترك تكمن في أن تعيينهم لا يتم عن طريق اختبارات القدرات أو الكفاءة العلمية والمهارة والقدوة في السلوك والإبداع في النشاط الذي يقومون به داخل بلادهم، بل غالباً ما يتم ترشيحهم ـ وخاصة في الوظائف الرئيسية ـ لأسباب متعلقة بالمجاملات والوساطات أو ربما لرغبة البلد في التخلص من بعض الأشخاص الذين يشغلون مواقع قيادية داخل بلادهم.

أما فيما يتعلق بفقدان الانتماء القومى، أو «المناخ العربي»، كما أشارت الكاتبة في مقالها، وأن السائد هو «المنطق القطري»، فيؤسفني القول إنه حتى الحس الوطني والمصالح الوطنية قد تلاشت وذابت على الإطلاق، وما غلب هو المصالح الشخصية فقط المتعلقة بالحفاظ على المواقع والحصول على مزيد من الامتيازات والترقيات وغيرها.

إن المشاكل والصعوبات التي تواجه مؤسسات العمل العربي المشترك لن يتم علاجها إلا اذا تعاملنا معها بواقعية من خلال الحلول التالية:

أولاً: أن تتفق الدول العربية على سحب كافة موظفيها العاملين في مؤسسات العمل العربي المشترك الذين هم دون مستوى الكفاءة المطلوبة، وإعادتهم إلى بلادهم واستبدالهم بأفضل ما عندها من كفاءات قادرة على إصلاح الأوضاع والنهوض بالمؤسسات. ثانياً: أن يكلف كل شخص يعمل في تلك المنظمات بملف محدد يكون مسؤولاً عنه مسؤولية كاملة. ونحن في منظمة العمل العربية لنا تجربة في هذا الشأن، إذ قسمنا العمل إلى ملفات بحيث أصبح كل موظف مسؤولاً عن موضوع محدد، الأمر الذي دفع كافة العاملين إلى إبراز ما يمكن أن يعطوه من عمل لتستفيد منه المؤسسة، علماً بأن منظمتنا تنفرد بتكوينها الثلاثي، إذ انها تتشكل من الحكومات وأصحاب الأعمال والعمال، مما يعطيها طابعاً خاصاً يتمثل في إتاحة الفرصة للحوار والمفاوضات بين أطراف الإنتاج الثلاثة.

ثالثاً: خلق إرادة وإيمان بالعمل العربي المشترك ومؤسساته مبني على المصداقية في التعامل والالتزام بما يتم الاتفاق عليه وتنفيذه.

ويحدوني الأمل في المهتمين بهذا الموضوع، مثل آمال موسى، لأن إثراء النقاش والحوار حياله يؤدي حتماً إلى الإسراع في الحلول والسبل الكفيلة لإنقاذ مؤسسات العمل العربي المشترك من «الموت السريري» ـ كما جاء في المقال ـ الذي ينتظرها اذا استمرت على نفس المنوال الذي هي عليه.

* المدير العام لمنظمة العمل العربية