ما يراه مسعود بارزاني وما لا يراه

TT

يبدو ان الذاكرة خانت مسعود بارزاني او انه لم يقرأ تاريخ العراق جيدا، والا لما عمد الى ذكر وقائع لم تكن موجودة، فقد ذكر في مقاله المنشور في «الشرق الأوسط» في 13 ابريل (نيسان) الحالي، ان فكرة الاتحاد الاختياري (الفيدرالية) موجودة ضمنا منذ تأسيس الدولة العراقية، حيث صوت الشعب الكردي في استفتاء شعبي الى جانب البقاء في اطار الدولة العراقية. مثل هذا الاستفتاء لم يحصل مطلقا بسبب رفض سلطة الانتداب البريطاني آنذاك الفكرة، وقد أحيل النزاع بموجب معاهدة لوزان الى عصبة الامم، ثم حسم باتفاقية انقرة عام 1926.

ثم ان بارزاني جانب الحقيقة في قوله إن قبول العراق في عصبة الامم كان مشروطا باحترام خصوصيات شعب كردستان والاعتراف بحقوقه القومية والثقافية، فالتعهد المذكور ضم حماية حقوق الاقليات وذكر الاكراد والتركمان على حد سواء، في احترام خصوصياتهم في التعلم والتقاضي بلغاتهم القومية، ولم يحدث ان ذكر اسم كردستان او الشعب الكردي، كما لمح اليه بارزاني، لأن الدستور العراقي المعلن عام 1925، لم يذكر القوميات العراقية، بل اعتمد مبدأ مساواة المواطنين وعدم جواز التمييز بينهم بسبب اللغة او الجنس او الدين او الاصل.

ولم يكن بارزاني موفقا في شرحه لأسس الفيدرالية، وعندما يذكر الاتحاد الاختياري مرادفا للنظام الفيدرالي فذلك امر خطير اخذت بعض الجهات السياسية بتشربه في الآونة الاخيرة، متناسية ان الفيدرالية خيار حضاري لا يمكن الانفراد بالتخلي عنه.

اما اللامركزية التي يشير اليها بارزاني في مقاله فهي امر مطلوب وحضاري نادت به القوى العراقية درءا لمخاطر تكثيف السلطة في يد الحكومة المركزية.

اما حديث بارزاني عن مكاسب منذ عام 1992، فهو يعلم ان الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا هي التي وفرتها في عمليات تأمين «الراحة والمطرقة» يوم كان مليون ونصف المليون من المواطنين الاكراد مشردين في دول الجوار، ولم تكن هذه المكاسب الا اعترافا من المجتمع الدولي بحق كل فرد في الحياة الحرة الكريمة، لذلك فان من الأولى ان تعمد القيادات الكردية الى احترام الحريات الفردية وحق التعبير، فالديمقراطية لا يمكن ان تصاغ بمنطق ضمان الحقوق، ثم تتبعها عبارة بارزاني، ولا يمكن لنا القبول بأقل من ذلك.