من الرميثة إلى الفلوجة..عودة العراق إلى الهاشمية

TT

من يتابع الاحداث الجارية حاليا في العراق، تقترن في ذهنه صورتان متطابقتان، هما الرميثة والفلوجة.فقبل ما يقرب من 84عاماً، انطلقت الشرارة الأولى لثورة العراق على الاستعمار الإنجليزي من مدينة الرميثة في جنوب العراق.بدأت الاحداث في يونيو (حزيران) 1920، عندما قاد أبناء العشائر العراقية وشيوخها ثورة العشرين الباسلة ضد الاستعمار الإنجليزي ومندوبه السامي في العراق. وامتدت ثورة الرميثة لتشمل العراق كله من جنوبه إلى شماله، تحت شعار يردده الثوار (الطوب احسن لو مكواري)، لينقضوا على جنود بريطانيا (العظمى حينذاك)، بالعصي والحجارة، فأبناء الرافدين الذين ورثوا الحرية والديمقراطية قبل نحو سبعة آلاف عام، عندما وضع أول دستور في تاريخ البشرية، والذي عرف، فيما بعد، بقانون حمورابي العاهل البابلي العراقي، وشمل جميع نواحي الحياة قبل قيام الحضارة الغربية بآلاف السنين، هؤلاء العراقيون واثقون بأن من لديه كل هذا الإرث التاريخي من الحضارة لديه القدرة على انتزاع حريته وكرامته من يد المحتلين والغزاة، وهو اليوم يجسد معاني ثورة الرميثة نفسها في مدينة الفلوجة، لكي يخرج المحتلين من بلاده، فأبناء الفلوجة لديهم الإحساس نفسه بقيمة الحرية والذي كان لدى أبناء الرميثة، على الرغم مما عانوه من قسوة في مواجهة الآلة العسكرية الهائلة التي تملكها الدولة العظمى حالياً. إن المتتبع لما يحدث الآن في أرض الرافدين، يتأكد أن المحتلين الجدد للعراق لم يقرأوا تاريخ العراق، ولم يعرفوا التركيبة الاجتماعية لهذا المجتمع، لكي يستطيعوا أن يتعايشوا ويتفاعلوا مع مجتمع لديه إرث حضاري ضخم وحس انساني عميق، لم يستطع أن يلغيهما أو يقمعهما حكم صدام حسين الظالم. كما يجد أن العودة إلى الملكية الهاشمية أصبحت ضرورة واستحقاقا فعليا لا يمكن التملص منه، وذلك لأن أفضل الحقبات التي مرت في تاريخ العراق الحديث كانت في العهد الهاشمي، لما انطوت عليه تلك الفترة عموما من حرية وتعايش سلمي بين جميع طوائف العراق من سنة وشيعة وعرب وأكراد وتركمان. ففي ذلك الحين تعايشت جميع تلك الطوائف داخل مجالس للشعب والنواب منتخبة من أبناء العراق، وتمثل جميع أطياف المجتمع العراقي، وكان ذلك عاملا في وجود الأمان وانتشار الرخاء.

الآن، وامام تخبط قوات الاحتلال أصبح في حكم الضروري المناداة بعودة الحكم الملكي الهاشمي، ليكون العراق بلداً حراً ديقراطياً يستوعب جميع أبنائه.