في تدمير البيئة.. الإنسان مسؤول أول

TT

قرأت بكل اهتمام عمود مشعل السديري المعنون «حماية الكائنات» («الشرق الأوسط») العدد 9315 بتاريخ 11/4/1425هـ الموافق 30 مايو (أيار) الماضي، وأعدت قراءته أكثر من مرة، إذ أنني أجد مَن يكتب وكأنه يقرأ أفكارنا في الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.

إن جميع ما ذكره الكاتب صحيح، ويمثل صورة مخففة لما هو حادث الآن على صعيد حماية البيئة الطبيعية والتنوع الأحيائي في كل الجزيرة العربية، وليس فقط في السعودية.

تقول الدراسات الموثقة إن معدل انقراض الأنواع الحالي يتراوح ما بين 100 و1000 ضعف لمعدله الطبيعي، الذي كان يحدث قبل تدخل الإنسان. وهناك أنواع خلقها الله، وعاشت تؤدي وظيفتها في دعم الحياة، حياة البشر وحياة شركائهم من الأنواع الفطرية، وتسبب الإنسان في انقراضها قبل أن يراها أو يحس بوجودها، فضلا عن أن يتعرف عليها ويصنفها.

ومع ازدياد أعداد البشر، يزداد توسعهم العمراني وأنشطتهم الاقتصادية، لتغزو الأنواع الفطرية في مواطنها الطبيعية وتجليها، وتحل محلها ربما لقضاء يوم واحد أو أكثر في العام للتنزه والترفيه، وأصبح التوسع العمراني السرطاني العدو الأكبر للتنوع الأحيائي والبيئة الطبيعية. والغريب أن الإنسان يتوسع بهدف أن يوفر لنفسه مزيداً من الرفاهية والاستمتاع ويتعامى عن حقيقة ان إزالة المواطن الطبيعية للأنواع الفطرية وانقراض هذه الأنواع هي الأسطر الأولى التي يسطرها في سجل اضطراب الحياة على كوكب الأرض، بل وفنائها بأمر الله.

إن المرء ليعجب بعد كل ما قيل ويقال في وسائل الاتصال المقروءة والمسموعة والمرئية، عن تدهور البيئة وانقراض الأنواع وأثر ذلك على تدهور الحياة، ومع ذلك تأبى الشركات الكبرى لتجارة المواشي إلا أن تطلق جيوشها من القطعان المستوردة في المراعي العامة لتقضي على الاخضر واليابس، وتقضي معها على الأحياء الفطرية، التي كانت تعيش بين هذه النباتات وتزعزع بذلك استقرار الحياة، ويضيف الى ممارسات الرعي الجائر ممارسات الاحتطاب والتفحيم في بلد نادر الأشجار، قد تحتاج الشجرة فيه إلى ما يقرب من قرن من الزمان لكي تنمو وتوفر الظل والمأوى للطيور والحيوانات، وتثبت أركان التربة وتمنعها من الانجراف وتساعد على هطول الأمطار، وتحافظ على المياه الهاطلة من الفقدان على شكل سيول، وتعطي للتربة فرصة تشربها لتغذي المياه الجوفية.

* الأمين العام للهيئة لحماية الحياة الفطرية وإنمائها ـ السعودية