هل هو وجه آخر للإخوان المسلمين؟

TT

تعقيبا على مقال عبد المنعم أبو الفتوح «ديمقراطية أميركا لا تشغل بالنا بل رائحة البارود في خطابها»، المنشور في الأول من اغسطس (آب) الحالي، اقول ان جماعة «الاخوان المسلمين» تبدو مثل رجل بألف وجه وقناع. فهى وبعد ان هذبت شوكتها في صراعها الطويل مع الانظمة العربية، وخاصة في مصر، واضطرت للانحناء للعاصفة، او لو شئت الدقة، للعواصف، لجأت الى التقية، أي الى ان تبطن غير ما تظهر، طالما يعينها ذلك على تحقيق الهدف المنشود.

وبما انه لا حديث في العالم شرقه وغربه الآن، الا عن الاصلاح في العالم العربى، كان من الطبيعى الا يفوت الاخوان المسلمون الفرصة ليدلوا بدلوهم، فظهرت سريعا طروحات الاخوان الاصلاحية. وقد كانت رؤية الاخوان للاصلاح شديدة التهذيب والعقلانية. فهم يتحدثون عن المواطنة، وشرف الصوت الانتخابي، ولا بأس من الاستشهاد بالفيلسوف السياسي الغربى توماس هوبز. ولكن، هل تلك الرؤية للإصلاح تتسق والتاريخ السياسى للجماعة ودستورها الذي وضعه الشيخ حسن البنا، وجهازها السري، الذي كان وكل هذا العنف الذي خرج من رحمها وصلبها طوال ما يزيد على سبعين عاما؟

ثم اذا كان الاخوان يريدون منا الابتعاد عن التاريخ الاسلامي في تقييم التجربة الاسلامية، فعلى اي اساس يريدون ان يعيدوا الكرة الينا؟

اننا لا ننكر اهمية الاخوان، ودقة تنظيمهم، وتشعبهم في النقابات والمحافظات في مصر، وتنظيمهم العالمي في الخارج، ولكن تربة مصر متنوعة بالتيارات. ولا اعتقد ان مشروع الاخوان وطروحاتهم الذكية، يمكن ان تنطلى على الكثيرين، ومع ذلك لا مانع من الاستماع لطروحاتهم او مناقشتهم فيها.