اجتهادات.. حسنا ولكنها غير ملزمة

TT

مقال الشيخ عبد المحسن العبيكان «احذروا من الفتنة»، المنشور بتاريخ 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يجعلني أن استعيد حديثا مهما أورده البخاري عن عائشة رضي الله عنها، «دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة عليها السلام في شكواه الذي قبض فيه، فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت، فسألنا عن ذلك فقالت: سارني النبي صلي الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت». وقد أورد البخاري ايضا في حديث آخر ان فاطمة الزهراء «عاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة اشهر». ونستنتج من هذا أنه بالرغم من علم المصطفى (صلى الله عليه وسلم) باقتراب مفارقته لهذه البسيطة لم يعين خليفة له، وانما اكتفى فقط بإشارات تدل علي تفضيله لصاحبه في الغار، وذلك عبر اختياره لأبي بكر رضي الله عنه لكي يؤم الناس خلال مرضه الاخير. أي انه بالرغم من علمه باقتراب موعد رحيله من هذه البسيطة، فإن ذكاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) الحاد جعله يدرك انه من مصلحة المسلمين الا يحدد نظاما سياسيا معينا لهم، وانه من الافضل ترك الامر لتطور صحي مواكب للتطور الثقافي والفكري ومتناسب طرديا مع معدلات تفاعل المسلمين مع كتاب الله عز وجل، الذي يكشف كنهه وأسراره لنا على مراحل وحقب زمنية متعددة. واعتقد أن معظم الاجتهادات التي يوردها العبيكان يمكن تصنيفها تحت عبارة هذه آراء رجال و«نحن رجال وهم رجال». ومن البديهي ألا تكون هذه اللاجتهادات ملزمة لأحد.