بلقيس احترمت مجلس الشورى واحتفظت بحق النقض

TT

مقال الكاتب محيي الدين اللاذقاني «العرجاء وابنة عمها»، المنشور بتاريخ 20 ديسمبر (كانون الاول) الحالي، والذي تحدث فيه الكاتب عن الذين يريدون «غشنا ويبيعوننا ديمقراطية (مضروبة) ومنتهية الصلاحية»; واحد من مقالات «الشرق الأوسط» الرائعة مما ظهر أخيرا. غير انني أتساءل لم عمد الكاتب في مقاله بتاريخ 23 ديسمبر (كانون الاول) الحالي، والمعنون «الإخوان والسلم الديمقراطي» الى التغيير الى الخلف، ليقول ما يفهم منه، انه ـ الكاتب ـ يسيرون في زفة وهيصة الديمقراطية! ينبغي علينا الا نغفل عن السبب وراء الجدل الفقهي حول كون الشورى معلِمة أم ملزمة. وبما ان عرب هذا الزمن يحبون توضيح الحال بالمثال من بلدان الغرب، فسوف أستخدم نظام الفيتو الاميركي ومثيله البريطاني، لكي أوضح ان الغرض من الاعلام والإلزام هو تحاشي التصادم وتنفيس الاختناقات بين السلطة التشريعية والتنفيذية.

مثلا يعطي الدستور الاميركي للرئيس حق النقض (الفيتو) على قرارات مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ); إذ أن كل القوانين لا تسري إلا بعد توقيعه عليها. ينبغي الانتباه هنا الى ان حق النقض مهم جدا لاستقرار نظام الحكم الرئاسي، لأنه يسد الطريق أمام المزايدات السياسية.

أما من يعتـقد ان نظام الفيتو غريب علينا، فعليه مراجعة الآيات 32 الي 35 من سورة النمل، ليري نهج تلك المرأة العاقلة «بلقيس»، التي نظمت عِـقدا اجتماعيا يجعلها لا تقطع في أمر حتى يشهد مجلس الشورى لديها ويفتي فيه. لكن مجلس الشورى هذا كان يقر (مثل الكونغرس الأميركي) بأن الأمر في النهاية بيدها «وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ». وكيف اتخذت ملكة سبأ قرارا مناهضا لرأي مجلس الشورى الذي فضل قتال نبي الله سليمان عليه السلام.