لنترك إبداعاتنا على أوراق صفراء لزمن آخر

TT

تعقيبا على مقال الكاتب سمير عطا الله «نسخة من رسائله»، المنشور بتاريخ 23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، اقول:

ان في هذا الاستذكار الوجداني البديع، نعم أدباءُ البشرية العظام يعيشون الفقر الحياتي ويبدعون، ويبقون من أغنياء الذكرى الأبدية بعد ارتحالهم من عالم المادة إلى دنيا البقاء. وأمّا أدباءُ العربية فيبقون (ماديا) بؤساء في الحياة وليس في الممات. وهم رغم الإهمال الرسمي، يخلدون في أسطر الكتب ، او على قصاصات أوراق داكنة لم تطبع، وستبقى سجلا للخلود... وللأزل. مقال الكاتب أعادني إلى وقائع منصرمة وأليمة في حياتي ، إذْ ذات يوم اتصلت بعدد من دور النشر العربية الشهيرة، لطباعة بعض الأعمال الأدبية، وبشروط عسيرة جدّ ًا عليَّ، ومغرية ماديًا لأي من دور النشر، لكنّ الإجابة كانت متوقعة، وصل بعضها حدّ الابتزاز والآخر درجة الإهانة. وإزاء ذلك فضلتُ الاحتفاظ بجماليات وروعة الكلمات، في أكداس أوراق مصفرَّة مبعثرة هنا وهناك ومنذ عشرات السنين، أو على ديسكات الكومبيوتر، التي قد لا تطالها عينٌ بشرية بعد رحيلي عن الحياة. نعم، نحن الأدباء عامة، وأدباء العربية خاصة، نعيش فقرنا المادي كلٌ على طريقتهِ الخاصة، لكننا نعيش بغنىً روحي وكبرياء، بل ربما سيأتي اليوم الذي تباعُ فيه أوراقنا الصفراء المعتقة بعشراتِ أضعاف ما تباع بهِ مؤلفات شارل بودلير وغيره من كتاب الغرب، ومن يدري... هل يتحقق ذلك ولو بعد حين؟