اغتيال الحريري..مقدمة لتفكيك الوحدة الكيانية لسورية ولبنان

TT

نشرت «الشرق الأوسط» بتاريخ 18 فبراير (شباط) الحالي، مقالا لتوماس فريدمان، تحت عنوان «ما بين قواعد حماة..وقواعد بغداد»، اتخذه منصة لإطلاق صواريخ اتهام لسورية، بمسؤوليتها عن اغتيال رفيق الحريري. وهو امر يثير الدهشة، حيث لم تجرؤ، حتى الإدارة الأميركية، على الزعم بقدرتها على تجاوز الظنون الى اليقين، بسبب عدم توفر الأدلة. واذا كان فريدمان قد اتخذ من مقاله مطية لتحريض الشعبين السوري واللبناني على تحمل مسؤولية السعي لإسقاط النظام السوري والحكومة اللبنانية، فإن الشعبين يدركان وبعمق ان الهدف الحقيقي الاميركي ـ الاسرائيلي المشترك، وغير المعلن، هو الحاق البلدين بما جرى في العراق، وتفكيك، الوحدة الدستورية الكيانية للدولتين. ثم انه ليس صحيحا ان الحريري انحاز الى تجمع اعداء سورية في لبنان، وانه كان محرضا على اصدار القرار 1559. بل كان الحريري على صلة طيبة بدمشق، رغم استقالته من رئاسة الحكومة.

كما انه لم يمارس أي فعل استفزاز لدمشق، يبرر لها ـ افتراضا ـ تصفيته جسديا. وخاصة انه كان وديعا للغاية ومنفطرا على المحبة والتسامح واللاعنف، تربطه بالنظام السوري، منذ عهد حافظ الاسد، وبالمجتمع السوري، اواصر الود العميق. وكلها عوامل تحصين دائم لشخصه ضد احتمال ان تؤذيه دمشق، وبخاصة انه لم يكن في صفوف المعارضة اللبنانية، بل في موقع الساعي الى تقريب وجهات النظر. بهذا يمكن القول ان الهدف من اغتيال الحريري كان مسددا الى قلب دمشق نفسها، وقد تحقق هذا الهدف المرحلي، لأعداء العروبة والإسلام.

عبد الهادي البكار ـ القاهرة