رحلة الألف ميل في مطار جدة

لينا حسن ـ جدة

TT

هذه هي الفكرة التي كانت تراودني للمرة العاشرة التي اخطو فيها مسافرة لقضاء بضعة ايام.. «اجازة عيد الاضحى»، كنت قبل ايام ابتسم عندما سمعت اختي وهي تضحك مرددة ان السفر من الصالة الشمالية في هذا التوقيت، عملية انتحارية، فالداخل اليها مفقود والخارج منها مولود.

بدأت اتلفت حولي لأتأكد من ان اطفالي ما زالوا موجودين، وأن حقائبي لم تسافر الى مدينة اخرى... زحام لا يمكن ان يوصف... آلاف مؤلفة من جنسيات مختلفة، كل يتشاجر على طريقته الخاصة... ولا ادعي انني كنت ارتدي «طاقية الاخفاء» فلم اسلم من الخبط والشتيمة... أناس يتكدسون على الارض في كل الأماكن.. وأكياس الطعام الفارغة والممتلئة تزين زوايا المطار... وأنا احاول جاهدة ان استرجع بالذاكرة الافلام السينمائية لأتذكر طريقة الحراس الشخصيين في الحماية لأنجو بنفسي وأولادي من هذه المذبحة البشرية.

بعد محاولات مستميتة وثلاث ساعات من الاجهاد العضلي والنفسي، نجحنا في الدخول الى صالة انتظار الركاب... وبدأت اتنفس الصعداء، آملة ان يكون الجزء الاكبر من المشقة قد انتهى.

عندما نظرت الى عيني طفلي الصغير وهو يسألني بأمل ان كان بالإمكان شراء لعبة صغيرة؟! عندها فقط عرفت انه علي خوض المعركة من جديد، والسير في طريق الآلام للعبور الى السوق الحرة لشراء اللعبة... شعرت وأنا امشي انني في اندونيسيا... كدت أقع، عندما سمعت احدى الاخوات ترمقني صائحة «انت ما في سوف» ابتسمت لها وأنا اتضرع لنفسي بالتزود بدقائق اخيرة من الصبر... اثلج صدري عندما سمعت الصوت... آه.. انه نداء الطائرة.. وعندما جلست واضعة الحزام وممسكة بيد طفلي الصغير، اغمضت عيني لدقائق سعيدة بانتهاء رحلة الألف ميل قبل ان تبدأ الرحلة الحقيقية، وواعدة نفسي بتكرار تجربة السفر في الأعياد من مطار جدة الدولي.

حقا يا جماعة... جدة غير!