البكاء

أسعد السنهوري ـ برايتون

TT

المقصود بالبكاء.. حدوث شيء لا يطيقه الانسان وهو صعوبة شديدة في تحمل قساوة.

ولكن قد يكون البكاء على مفقود وقد يبكي الانسان ليقول لنفسه: بكيت في حينه، اعطيته حق البكاء، وبعد ذلك لن يغير البكاء من المفقود، فهو لن يحضره ولن يريح المفقود ولن يغير من الوضع شيئا.

هذا على خلاف ان تبكي على شيء صنعته بنفسك وفي غفلة من الزمن، او ان احدا خدعك او امرأة غشتك، فهنا نقول: لا تبك على اللبن المسكوب ـ فلن تستطيع جمعه رغم بياضه وروعة منظره وحاجتك الشديدة له، فلا مناص من ان تقبل ما فرض عليك فقدانه.اي القبول بالأمر الواقع، فلا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها.

هكذا الحياة، جميلة وقاسية احيانا، تسعدك وتؤلمك، ولعلها تؤلمك لتسعد آخر بهذا الألم.

لا يعرف الألم شخص لم يجرح في حياته ابدا. بل يعرف الالم من يجرح يده او يجرح احساسه او يجرح في كبريائه.

هكذا الحياة، لا نعرف فيها ان هذا جميل ان لم نر القبيح، لن نعرف معنى الصحة ان لم نصب بالانفلونزا، لن نعرف معنى الموت الا بعد ان يموت انسان او انسانة كبيرة في الاسرة. ولن نعرف ضياع الوقت اذا لم نعرف فائدته.

لذا فالاختلاف بين المرأة والرجل فسيولوجيا امر مهم لنعرف صفات كل منهما، ونعرف امتيازاتهما، فإذا عرفت ان الرجل جاف فسوف تعرف نعومة المرأة وسوف تعرف معنى بكائها، فالبكاء هنا يريح الجسم ويرفع الألم، والبكاء هنا ليس ضعفا، بل تعبير عن اسف او عدم فرحة، البكاء تعبير عن النفس، هو بكاء النفس ولا نقول بكاء التمثيل، فبكاء التمثيل هو بكاء التماسيح، الدموع نازلة واسنان التمساح ظاهرة لاصطياد فريسته.

اذا بكى طفل رضيع نعرف ان شيئا يؤلمه، هو لم يتعلم الكلام ولذلك يقال احيانا ان قلب الطفل دليله، بمعنى انه يبكي ويخاف، فهو يحس مثلا انهم سيحلقون له شعره اذا رأى أن والده طلب من اخيه ان يبل رأسه لحلاقتها! ولكن، ما اقسى أن يظل انسان ما.. رجل او امرأة، يبكي طوال حياته.

إنه شيء مؤلم..

هناك امرأة تضحك والدموع تنزل من عينيها!