فتنة الجسد.. وغياب المحبة

TT

لم يشعر ابدا، بمتعة عاطفية روحية غامرة، طيلة حياته الماضية، كما يشعر اليوم.. انسجام نفسي وروحي، يصعب التعبير عنهما احيانا بالكلمات! انه يحلق عاليا متألقا، صوب ذرى المحبة والسعادة والانسجام، آه كم هي جميلة وحلوة، هذه الحياة.. عندما نعيش الحب، على طريقة ابن حزم الاندلسي، في الالفة والايلاف وطوق الحمامة، او على طريقة العذريين، امثال قيس وليلى، وجميل بثينة، الذين خلدهم التاريخ. ما ان يتنفس المرء عبير ذلك الحب الصادق الطاهر، حتى تراه مسالما مطمئنا، انه الاحساس والشعور بعظمة تلك المحبة، التي تسلب الالباب، بعد ان امتلكت الافئدة والقلوب.

لعله شعور كل الاحبة والعشاق، الذين يُنظر اليهم في بعض المجتمعات، على انهم خارجون عن العادات والتقاليد، وانهم يرتكبون أسوأ الأخطاء.. هكذا نجدهم، ينعتون من قبل اعداء المحبة، واصحاب القلوب القاسية الغليظة.. ومنهم من يبحث عن الفاحشة، حيثما وجدت، لاشباع غرائزه بعيدا عن المشاعر الانسانية، والاخلاق الفاضلة الكريمة! اما المشكلة، في ايامنا فهي ان الاغلبية من الرجال، تنظر الى المرأة، نظرة غير عادية ـ وشاذة ـ في ظل هذا الانهيار الاخلاقي الاجتماعي، ومقارنة مع الماضي الغابر، ماضي المرأة الفاضلة ـ البتول، المحتشمة التي تملك السحر والخصوصية في معظم الاحوال.. فإن صورة العشق تتجسد حية، وتأخذ الطابع الروحي العاطفي البعيد عن شهوة الجسد والاغراء والفتنة، وهذا ما يجعل العلاقة ذات نكهة مميزة، وديمومة طويلة، وسعادة عارمة. وفي المقابل، فإن المرأة اليوم، واعني البعض من الفتيات، اصبحن يتجاوبن مع هذه النظرة، بسبب الملابس والازياء التي ترتديها فتيات اليوم، فيما تعمل دور الموضة والازياء المحلية منها والعالمية، على صناعة الملابس المثيرة الفاضحة التي تسيء الى كرامة المرأة وتظهرها امام الناس كأنها عارية فيما ينصرف اهتمام الرجل نحو المرأة، في ظل هذه المعطيات، نحو فتنة الجسد واغراءاته ومظهر المرأة الخارجي، وهذا ما يجعل العلاقات، بينهما، محفوفة دائما بالشك والريبة، وعدم الاطمئنان والقلق العميق، واصطياد الفرص من جانب الرجل.. لانقضاض الذئب نحو فريسته. ولنقل بصراحة اصبح الامر جد خطير، في ظل هذه الاوضاع الاجتماعية الصعبة للمرأة، التي غدت هدفا سهلا للاستغلال والامتهان، وفي ظل غياب المشاعر الانسانية، والمحبة الصادقة، والعواطف الروحية البريئة. ومن هنا فلنعد الى الحياة الجميلة الحلوة، حياة العشاق العذريين، والرومانسيين، في علاقاتنا، مع المرأة، تلك الحياة، الروحية العاطفية الكريمة البريئة، التي تخلد الحب وتسمو به عاليا، نحو ذرى البهجة والسعادة والفرح.

علي القيسي ـ الأردن