أحسن حمار

TT

وانا في المرحلة الثانوية، كان استاذ اللغة العربية يسألنا عن رغبة كل واحد منا: في اي كلية تريد ان تكمل دراستك؟ فمنا ـ كما تعودنا ـ من قالك «نفسي اكون ضابط» ومن قال: «اكون دكتور» او «محامي» او «مهندس» وهكذا.. حتى جاء الدور عليّ وهممت بالاجابة التي لم اكن اعلمها.. لكن قطع صوتي جرس انتهاء الحصة والخروج من الفصل في فترة «الفسحة»، غير ان الموضوع لم ينته بالنسبة لي، فخرجت وراء الاستاذ أسأله: «استاذ إيه احسن كلية علشان ادخلها»؟ وكانت اجابته غريبة بالنسبة لي في ذلك الوقت اذ قال: «ادخل كلية الحمير وخليك احسن حمار»! وكان بجواري صديق لي فضحك ضحكة مكتومة، ثم صرح بها، لأن الاستاذ تبسم ايضا، لكني انزعجت وعدت أسأله: كيف؟ فقال لي: «شوف كلكم عايزين تدخلوا الكليات اللي اهاليكم قالوا لكم عنها.. لكن المهم ان تدخل الكلية التي ترى نفسك سوف تبدع فيها». وانتهى الحديث؟ وتخرجت من الثانوية العامة ولم ادخل الكلية التي ارغب بها. المهم اننا لا ندخل الكلية التي نحبها، لكن الكلية الاشهر، لذلك لا نجد منا المهرة إلا القليل، فكثيرون يدخلون كلية الهندسة تلبية لرغبة اهلهم، ولهذا فكم عدد البارعين منهم؟ وكثيرون يدخلون كليات الطب، ولكن كم عبقريا فيهم؟ صحيح ان هذه الكليات تتطلب مجهودا ذهنيا وتركيزا عاليا، ولذلك تطلب نسبة علامات او درجات عالية في الثانوية.. ولكن لا بد ان يكون هناك رغبة لاختيار الكلية وليس الدافع مجموعا فقط، فلا ننسى ان الاستمارة اسمها: «استمارة رغبات». فلو تغير مفهومنا للتعليم في البلدان العربية لتغيرت اشياء كثيرة. ليس المهم الشكل الخارجي، ولكن المهم مضمون الشيء، اني سأدخل الطب لحبي للطب، وهكذا في بقية المجالات، وبهذا يا استاذ لن اكون احسن حمار! محسن محمد مهدي دومة ـ مصر