ستي قالت لي!

TT

تصارعت خبراتي وبنات أفكاري ومعلوماتي وحروف كلماتي، عندما قرأت عن مسابقة «فكرة ومقال»، لا لكي أكون من أفراد عائلة «صاحبة الجلالة»، أو لأكون من مشاهير الكتّاب، أو حتى لأربح 250 دولارا، لكن لأنه في يوم من الأيام «ستي» قالت لي: «عبّر عن رأيك لتشعر أنك على قيد الحياة وأنك إنسان». لم أنم ليلتي تلك قلقاً وفرحاً وخوفاً، تصارعت أحلام اليقظة لأول مرة في الليل، فعزمت أن أكتب لأول مرة في حياتي، ولعلها لا تكون الأخيرة، وللمرة الثالثة اعتلّ عقلي طويلاً: ماذا يكتب؟ وعن أي شيء؟ ومَن سيخاطب؟ هل لجنة التحكيم لأقنعهم بقدراتي؟ أم لمريدي الصحافة؟ أم لأرى اسمي على جبين «صاحبة الجلالة»؟ أم أناشد شباب العرب الذي تربّيه الفضائيات وثورة المعلومات عصر العولمة والإنترنت السماء المفتوحة وتكنولوجيا الاتصالات؟! بعد حيرة، أطلت جدتي برأسها الصغير الجميل البريء من بين أوراقي القديمة، حيث تعودنا أن نناديها (ستي)، وهي تملأ جوفي وعقلي وكل حواسي، كأنها تريد أن توصل لي خبراتها وحكمتها لشيء في نفسها، لم أدركه، إلا بعد أن أفرغت حمولتها كاملة في أرضي وأرست جلّ مراكبها في مرفأي. لا يفوتني أن أخبركم أنها قضت في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1992، لحظة وقوع زلزال مصر المدمر، وكأن الأرض اضطربت لموتها، وقد ناهزت المائة عام، عليها رحمة الله. أتذكر أن جلّ ما علمتني إياه (ستي)، بقي في عقلي، إنها كلمات أهديها للشباب العربي: ستي قالت لي: «من فات قديمه تاه!» درويش بشكر ـ جدة