تجربة السؤال المغاير

TT

من بين القضايا الاكثر الحاحا، اشكالية الفكرة، التي، كما هو معلوم، ليست وليدة اليوم، بل هي أرق قرون طويلة من التأمل الذي يستعيد نفسه تباعا ودوما، عندما يقترن ذلك بضرورة ما.

أصحاب المناهج لا يفيدهم في شيء أن ينطلقوا منقبين عن بذور هذه الاشكالية، او اصول تلك، كم من الوقت سيكفيهم ليستخرجوا علل كل شيء؟

فالمعري ببصيرته يواجه العالم متذرعا بما لا يرى، والعكس يحصل مع ابن عربي متقلدا عبارته الحادة الخارقة لما يجري في الظاهر. ترى، ماذا كان ابن رشد يجد في افكار الغزالي غير التهافت المعروف؟ وماذا يريد ابن خلدون حقا، حينما يتعاطى بشغف لكتابات من سبقوه؟ الاشكال يمكن ان يستمر، وما عدا ذلك ليس هناك حل جاهز لأي شيء.

حاليا، نعرف بفضل اساتذة متحجرين، ان ذلك التقسيم الشهري (الذي يقسم حصة التراث حصتين: واحدة للمشرق والثانية للمغرب) سيطبق طالما استمرت اشباح التمييز المفبرك، في التحرك، فاتكة العقول، واي عقول؟! من ناحية معينة، هو عمل يجلب الخيبة، حين يتم التصريح والبرهنة في اللحظات المتأزمة على وجود قطيعة او قطائع بين مفكرين قدامى، لا تكمن حيويتهم الا خارج هذا، او على هامشه. ثم، ان كانت هناك قطيعة فهي ثابتة فيما بينهم ومؤكد عليها، لكنها لا تصل الى درجة الادانة كما يحصل لدينا.

الابستومولوجيا، التاريخانية، التأويلات المقترنة بالحفريات..الخ.. كلها طرق ممنهجة ومبرمجة لتسييج افكار معينة لأشخاص عاشوا داخل الزمان والمكان، وامتحنوا بصعوبة ظواهر الوجود، اي مفكر ليس هو النقاوة بعينها، والافكار لا تهبط عليه محتشمة ومحتفظة بكامل عذريتها. فحياته وتجاربه واختباراته لها كبير الاهمية كذلك.

محصور بين الاختزالية والاسطر، يظل سؤال الفكر دوما هو الضحية. ماذا يعني ان تفكر ببساطة كالآخرين؟ لكن بتجربة هي قطعا مغايرة واستثنائية؟ انها هذه التجربة اذن التي تمثل المركب الصعب بالنسبة للجميع.

جمال اكاديري ـ اغادير/ المغرب