تجربة مرة وتجربة حلوة

TT

جرب أن تسير يوما في الشارع، مبتسما في وجوه من حولك، كاشفا عن بريق أسنانك، فستجد العجب العجاب، فمن الناس من سينظر لك مكفهرا حانقا ولسان حاله يقول: ما أشد فراغ عقله.. يبتسم في هذا الزمن؟ وان بادرته السلام، رد عليك بسلام اشبه بالهروب، فإن مددت يدك لمصافحته ربما صرخ في وجهك: ماذا تريد؟ نعم، هذا واقع معاش وتجربة يمكنك القيام بها بنفسك، ولا أنفي انك ستصادف ابناء الحلال الذين يبادرونك بالمثل بكل عفوية. ورغم هذا فلنصارح أنفسنا: أين طيبة النفس وحسن المعاملة بين الناس؟ هل وجدنا في هذا الزمن لنندب حظنا ونغضب عليه؟ واذا كان الامر كذلك فلماذا، على الاقل، لا نتشارك احزاننا وهمومنا؟ ولماذا نغلق كل ذلك في زنزانة انفسنا ونضع قناع الكراهية والاستعداد للانقضاض؟ ليس ذلك طاعة لتعاليم عقيدتنا فحسب، فالانسان ليس بحاجة لمن يطالبه بذلك كواجب يؤديه، بل ان الاحساس بمعنى الوجود واشتراك الانسانية في الحياة والمصير، كفيل وحده ان يدفع المرء كي يستشعر معنى كونه انسانا ومعنى ان الله اختصه من بين الكائنات بالعواطف الجياشة والرحمة واللين واللطف، وهي ليست اسلحة للاستعمال وقت طلب المنفعة، او منافقة الاهل والجيران..وانا لا اطالب الناس بان يحضن بعضهم بعضا ويبكون شوقا وولها..كلا.. فقط قليل من الابتسام وجرعة من الصبر وشيء من حسن الخلق. فلنتحل بشيء من الشفافية التي نتغنى بها، قبل ان نطالب بها الآخرين.

حبيب قاري / جدة