اسأل الزمن..

TT

رحت للطبيب الذي يداوي وفتحت فمي على آخره ليصلح لي أسناني المهترئة، ولم أكن أعلم أن تلك الكائنات الضئيلة تسبب مثل هذا الألم العظيم.. تمددت على الكرسي وها هي الأدوات في يده وما حولي يزيدني هلعا، يجتمع الوجل والخوف لدي، لكني أتصنع الشجاعة مرغما حتى أبدو رابط الجأش، وحتى أتخلص من التعب. همست لنفسي انه تعب ساعة ولا تعب كل ساعة، وعندما ساد المخدر وأصبح الضرس في يدي أشفقت عليه إذ تذكرت كم كان يشقى في الطحن والكد. هكذا صار داخل الفم شارع على الجانبين يفصل بينهما اللسان والحمد لله. فكرت أن ليس لدي ما أخفيه وليس عندي ما أخجل منه، واستطيع أن أتحدث على سجيتي دون أن تزويغ أو أواصل الركض مع البشر. راقبت فمي الذي امتلأ بالفراغات وأحسست أنها لوحات الأتراح والأفراح، فأنا لا أعرف أن أجمل كما يفعل الكثيرون، ولم تعد المساحيق تجدي ورغم الملل الذي ينتابني فإن تلك السيجارة تظل بين أصابعي وشفتي، فيما أصابعي تحرك الريموت كنترول على القنوات، وبين مباريات كرة القدم أتواجد في اللحظة نفسها في أكثر من بلد، اعرف أشياء كثيرة وأحاول أن أملأ وقتي بالفرجة وفمي الخالي من الأسنان بالطعام. لكني لا اعرف شيئا ـ نحول جسدي وشحوب وجهي وبياض شعري، ولا اعرف شيئا عن حظي العاثر فاحاول أن اسأل الزمن!