التحرر بالحب

TT

تقوم فلسفة الإنسان السوي في الحياة، على مبدأ الحرية في العلاقات الشخصية، ومن الطبيعي أن يختل التوازن وتعترضنا فوضى مشاعر، ويسيء البعض للآخرين من دون قصد، وربما نتلقى معاملة غير منصفة لا مبرر لها.

الحياة ازدحام بالمطالب والأعباء، والانسحاب والتغاضي عن تجاوزات الآخرين خيار سلمي صائب، وغير الطبيعي أن تكون ردود فعلنا إزاء فظاظة الحياة، الاستمتاع باستنزاف وترويض الآخرين كأسلوب للتعامل، ليتحول الأمر الى سيطرة مرضية.

علمتني الصفعات المتكررة درسا في الإنسانية، وبدلا من أن أحاصر نفسي بالدفاع المستميت عن ذاتي، وأتحول بالتدريج إلى كائن شرس منتقم، استطيع أن أتحرر بمزيد من الحب.

ما الذي يجعل البعض متميزا بالعطاء والحب؟ وممتلئا بضبط النفس والوداعة واللطف؟

إنه الحب الإنساني غير المشروط الذي لا يدفعك لسلب حقوق الآخرين..

ولكن، للأسف، غالبا ما نقع ضحايا علاقات اجتماعية عقيمة، تشبه بثا تلفزيونيا متقطعا، يغلب عليه التشويش، وهو مجرد ضوضاء مقلقة ومملة، ولكن، للأسف ايضا، لا نملك الشجاعة للتراجع، فالخوف من التغيير هو احد عيوبنا.

ربما هذه هي البداية المتوترة التي خلقت بداخل البعض الاضطراب ليحترفوا بمهارة فن التملق والتعامل بأنانية، ليكون شغلهم الشاغل، إثبات قيمهم الشخصية من خلال السيطرة على الاخرين او امتلاكهم.

الحب اسمى صور النضج، ومسؤولية يعبر بها بالتعاون والتضحية والالتفات لمصلحة الطرف الاخر، فإن لم تتضمن تصرفاتنا كل هذا، فذلك يعني أننا لا نحب وأن مشاعرنا مجرد رد فعل طبيعي إزاء ما يقدمه لنا الآخرون، وعند أول عاصفة ستنهار هذه العلاقة.

نحن بحاجة ماسة الى أن نتعلم كيف نتحول الى شخصيات مستقرة وواثقة وتمتلك الشجاعة لالتماس العذر وإعفاء الآخرين من دفع الثمن.. ان الحرية التي تحيلنا الى عبيد لغرائزنا ليست حرية، بل قيد يكبلنا ويشلّ إرادتنا ويسحق شخصيتنا.

أمل أنورـ جدة