هل هناك ما يبرر وضع حزب الله اللبناني على قائمة الإرهاب في أوروبا؟

نعم -.. لهذه الأسباب على أوروبا حظر حزب الله

TT

حمل المحققون البلغاريون حزب الله المسؤولية في تفجير الحافلة الذي راح ضحيته خمسة إسرائيليين ومواطن بلغاري خلال شهر يوليو (تموز) 2012 في مطار مدينة بورغاس. وكان اثنان من عملاء الحزب من الرعايا الغربيين، أحدهما كندي والثاني أسترالي، قد عادا إلى لبنان بعد عملية التفجير عبر رومانيا وبولندا، في حين قتل زميل ثالث لهما في العملية.

وفي هذه الأثناء، يمثل عميل رابع لحزب الله، يحمل الجنسية السويدية، أمام القضاء في قبرص. وتبعا لبيانات الشرطة القبرصية كان من مهام هذا الشخص رصد حركة السياح الإسرائيليين في الجزيرة. ولبعض الوقت خمن أن دوره كان دورا مساندا في عملية تهدف إلى إسقاط طائرة ركاب. بيد أنه أصر في ما بعد على «أن كل ما كان يفعله هو جمع معلومات عن اليهود، وهذا ما تفعله الجماعة التي أنتمي إليها في كل مكان من العالم». وما يذكر أن حزب الله، قبل إرساله هذا العميل إلى قبرص، كان قد كلفه بمهمة ساع يتلقى ويرسل رزما من عملاء آخرين للحزب وإليهم في أماكن مثل تركيا وهولندا وفرنسا.

الحالات المذكورة وغيرها، دفعت القادة الأوروبيين إلى خوض نقاش جاد حول موضوع حظر نشاط حزب الله. ومما لا شك فيه أن حزب الله رسخ موقعه مجددا لاعبا في ميدان الإرهاب في أوروبا بصورة لا مثيل لها منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي، حين شن اعتداءات امتدت بين كوبنهاغن وباريس. وبالإضافة إلى مخططي بورغاس وقبرص، أجرى الحزب رصدا وخططا لعمليات في اليونان ودول أوروبية أخرى. وبالتالي، فإن عودة نشاطات كهذه من جديد لا بد أن تولد قلقا داهما في أوساط أجهزة حفظ النظام والقانون ووكالات الاستخبارات.

لكن الأمور لا تنتهي هنا. ذلك أن حزب الله متورط في طيف واسع من النشاطات الجرمية فوق تراب أوروبا. فهو يواجه بصورة متزايدة تهما بالاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال، كما تشير وثائق كشف النقاب عنها خلال الفترة القصيرة الفائتة كحالة البنك اللبناني الكندي وحالة أيمن جمعة وغيرهما من الحالات. وتبعا لمصادر «الإنتربول» أمكن للسلطات المعنية «تفكيك شبكات لتهريب الكوكايين كان ريع تجارتها يذهب لتمويل عملياته.. في حين تنقل المخدرات المخصصة للأسواق الأوروبية عبر دول أفريقيا الغربية».

ثم إن الحزب يستخدم أوروبا قاعدة لجمع الأموال وشراء الأسلحة. وعلى سبيل المثال هناك مثال داني طراف، حامل الجنسية الألمانية، المتهم بالسعي لشراء بنادق «إم 4» وقذائف صاروخية وأسلحة أخرى لحزب الله بنية نقلها بحرا إلى ميناء اللاذقية في سوريا، عن طريق شركته في سلوفاكيا. وبدا من كلامه أنه يعرف تماما ما يريده من الصواريخ الموجهة المحمولة على الكتف وهو «إسقاط طائرة إف - 16». ومن جانب آخر، يفيد مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) الأميركي أن الشركة التي يملكها طراف، واسمها «باور إكسبرس»، إنما «تدار عمليا كفرع من جناح المشتريات التقنية لحزب الله».

هذا، وكانت حالات كشف النقاب عنها أخيرا في الولايات المتحدة قد بينت إلى أي مدى بات الحزب متورطا في تزييف العملات الأوروبية وغير الأوروبية، ومنها اليورو والكرونر السويدي وعملات غيرهما.

في أي حال، على الاتحاد الأوروبي حظر نشاطات حزب الله نظرا إلى مساعيه لتدمير الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط. إن الحزب يساعد إيران حاليا على نقل الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، ويدعم الجماعات الشيعية المتشددة المرتبطة بنظام طهران على امتداد منطقة الخليج، أما في ما يخص، فلقد استنتجت الولايات المتحدة أخيرا أن مقاتلي حزب الله باتوا «جزءا لا يتجزأ من آلة القتل التابعة لنظام بشار الأسد». وأخيرا وليس آخرا، يلعب حزب الله دورا خطيرا مثيرا للاضطراب في لبنان. ففي يوليو 2006 استدرج «الحزب» إسرائيل ولبنان إلى حرب لم يسع إليها أي من الطرفين. ثم عام 2008 اجتاح مناطق عدة من بيروت بقوة السلاح وتسبب بمقتل عدد اللبنانيين، ولم يكتف بذلك، بل سحب النزاع الطائفي السوري - السوري عبر الحدود إلى داخل لبنان. وهذا، إضافة إلى أن عناصر من الحزب اتهمتها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بجريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.

وهكذا، باختصار، إن موقفا حاسما من الاتحاد الأوروبي لهو في غاية الضرورة، ليس فقط كرسالة إلى حزب الله تنذره بأنه ما عاد بإمكانه التمويه بين السياسة والإرهاب، بل لأن من شأنه تمكين دول الاتحاد من فتح تحقيقات خاصة بالإرهاب حول نشاطات الحزب.

على الاتحاد إفهام الحزب أنه ثمة عواقب لتصرفاته اللاشرعية، بينما لن يؤدي التقاعس والإجراءات القاصرة إلا إلى تشجيعه على مواصلة ما يفعله الآن.

* مدير برنامج مكافحة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى - واشنطن، ومؤلف كتاب «حزب الله: الآثار العالمية لخطى حزب الله اللبناني».