وهل أبدى المرشحون قدرات تشجع على توقع استقلاليتهم عن «المرشد الأعلى»؟

نعم- والمفاجأة أن المحظورات بدت قليلة في المناظرات الرئاسية

TT

رغم كل ملامح التسلط التي تسللت إلى النظام السياسي الإيراني، وبالأخص، منذ الاحتجاجات وأعمال القمع التي جوبهت بها عام 2009. ما زالت السياسة في طهران تتحمل مقدارا أكبر من تقبل «الرأي الآخر» وتحمل المحظورات مما قد يتصوره كثيرون من الأميركيين.

في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة يوم الجمعة المقبل 14 يونيو (حزيران) جاءت المناظرة الثالثة والأخيرة قبل يوم الانتخابات الموعود مناسبة تواجه فيها المرشحون الثمانية الذي حصرت بهم المعركة الانتخابية في مناقشات مفتوحة تناولت عددا من أكثر القضايا التي تمس إيران حساسية، بما فيها المفاوضات النووية مع الغرب، والقمع الذي استهدف الاحتجاجات الطلابية.

المناظرات والمناقشات، في حد ذاتها، لا تعني أن الفائز في انتخابات الجمعة المقبل سيتمكن بمفرده من تغيير الاتجاه السياسي في البلاد، ولا سيما في القضايا والمسائل موضوع النقاش، بيد أنها تشكل تذكيرا بأن النظام الإيراني ليس على الدوام نظاما «مونوليثيا» جامدا.

بطبيعة الحال، هامش الخلافات الداخلية يظل محدودا، وعلى سبيل المثال، فإن جهازا قضائيا مقربا من «المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي - هو «مجلس صيانة الدستور» - منع الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومرشحين آخرين من خوض الانتخابات.

إلا أن النقاش حول القضية النووية بدا كأنه أخذ مسارا، ركز عليه عدد من المرشحين الثمانية، مؤداه أن المفاوضات مع الغرب والمؤسسات الدولية بشأن المشروع الدولي الإيراني كانت فاشلة. وكان هذا انتقاد ضمني، لكنه واضح الأبعاد تماما، لتشديد «المرشد الأعلى» على التصدي العنيد لأي ضغوط خارجية، وهذا حتى لو أمتنع المرشحون المنتقدون عن الإشارة إلى خامنئي بالاسم.

من جهة ثانية جاء نقاشهم حول الاحتجاجات الطلابية أقل وضوحا، مع أن المرشحين بدوا متشوقين للنأي بأنفسهم عن عمليات القمع التي قوبلت به تلك الاحتجاجات، ما ينم على الأقل، عن أنهم يؤمنون بأن الرأي العام الشعبي معاد لقمع من هذا النوع. وبناء عليه، قد يكون بمقدورنا توقع ذلك في السياق الأميركي المعاصر، ولكن إذا نظرنا إلى ما يحصل في دول كثيرة أخرى، بما فيها الولايات المتحدة، نلاحظ أن كثرة من الناس يميلون إلى تفضيل إجراءات فرض «الأمن والنظام» على الحق في التظاهر إبان فترات الاضطراب العام.

ولقد وثق متابعو الشأن الإيراني على موقع «تويتر» بعض اللحظات المثيرة من المناظرات، واهتموا بها، كما يظهر من بعض الأمثلة أدناه.

عارف يدعو إلى فتح تحقيق في أحداث انتخابات 2009 وما بعدها.

حداد عادل لعارف: إذا كنت تظن حقا أنه كان هناك تزوير في انتخابات 2009 لماذا لم تتكلم علنا؟ لماذا الصمت لأربع سنوات؟

جليلي وقاليباف الخاسران البارزان في المناظرة الثالثة. حتى مستشار «المرشد الأعلى» للشؤون الخارجية (ولايتي) مؤمن بأن مسار المفاوضات النووية كان فاشلا.

حداد عادل: المسألة ليست مسألة أجهزة الطرد المركزي، إنها مسألة الاستقلال.

ولايتي: الدبلوماسية لا تقوم فقط على المقاومة والرفض، بل تشمل العمل مع الآخرين والتفاوض، هذا هو فن الدبلوماسية.

وهكذا، بصرف النظر عن النتيجة التي ستؤول إليها الانتخابات نفسها، فإن معظم المرشحين لا يمن دون مهتمين بأن يكونوا مجرد أدوات مطواعة تلتزم بلا مجادلة بسياسات خامنئي. لقد كانوا يناقشون حرية التعبير، والشأن القومي، والمواجهة مع الغرب، والتعددية وقضايا أخرى شائكة.

* كاتب ومدون اميركي