هل تتوقع سماح حزب الله للدولة بأن تمارس واجباتها في مناطق نفوذه؟

نعم... نداؤنا للدولة أن تتحمل مسؤوليتها وتشكل حكومة إنقاذية

TT

يتكرر السؤال: هل يسمح حزب الله و«أمل» للدولة بالدخول إلى مناطق نفوذهما بعد تفجيرات الضاحية؟

طرح السؤال اتهام وتشكيك في انتماء المقاومة وأهلها للدولة، وتغاضى السائل عن الفلتان الأمني واستباحة السيادة، من العدو الإسرائيلي إلى المعارضة السورية وحلفائها وبعض الفلسطينيين والجماعات التكفيرية.

الأفضل طرح الأسئلة التالية:

- هل الدولة قادرة على بسط الأمن.. وهل مسموح لها بممارسة مسؤولياتها على المواطنين والمقيمين.. وهل تريد ذلك؟؟

- ألا توجد في لبنان محميات أمنية ومناطق أمن ذاتي في المخيمات الفلسطينية (أكثر من 12 مخيما) ومخيمات تدريب وتسليح للمعارضة السورية في عرسال وطرابلس وعكار وغيرها، وتمنع الدولة من الدخول واعتقال المطلوبين للعدالة الذين قتلوا الجيش؟

- هل تستطيع الدولة تأمين الحماية لمواطنيها وقد بلغ عدد النازحين الفلسطينيين والسوريين نصف سكان لبنان (نحو المليونين) بالإضافة لعناصر المخابرات المتعددة الجنسيات وعملائها في لبنان؟

- هل مارس حزب الله و«أمل» حماية مناطقهما قبل التفجيرات وإطلاق الصواريخ؟

يطالب حزب الله وأنصاره الدولة بتحمل مسؤولياتها بعد إطلاق الصواريخ وتفجيرات الضاحية وقصف الهرمل وخطف الزوار قبل تدخل حزب الله في سوريا.. فما الذي استطاعت الدولة أن تفعله مع المجرمين والإرهابيين في مواجهة مسلحي المعارضة السورية وحماتهم اللبنانيين، وصولا لمناشدة أوباما ضرب سوريا كما فعلت بالمقاومة أثناء حرب 2006؟

إن اللبنانيين لا يريدون الاعتراف بالواقع ويطلقون الاتهامات بسبب الانقسام السياسي.. ولتوضيح بعض الحقائق:

• إن الانقسام السياسي والشلل الحكومي وتعطيل المؤسسات أدخل الدولة في «غيبوبة» سياسية وإدارية أقالتها من مسؤوليتها مما سمح للآخرين بتعبئة الفراغ سواء كانوا لبنانيين أو فلسطينيين أو سوريين.

• إن مسؤوليات الأمن في لبنان تتجاوز قدرات الجيش والقوى الأمنية بسبب استنزافها على الحدود والداخل وافتقادها للغطاء السياسي والتشكيك في وطنيتها، وصولا لتبرع تيار معين بتعيين محامين للدفاع عن قتلة الجيش في عبرا من جماعة الأسير! لقد أعلن وزير الداخلية عن النقص الفادح وطالب باسترجاع عناصر الحماية، واقترح تسليح الشرطة البلدية على طريقة اللجان الشعبية في مصر والدفاع الوطني في سوريا، مما يشرع الأمن الذاتي بلباس الشرطة لا الأحزاب..!! لقد ولدت المقاومة كما يبدو نتيجة عجز الدولة أو تمنعها عن حماية المواطنين من الاعتداءات الإسرائيلية، فحررت الأرض عام 2000.. فالمقاومة تعويض عن تقصير الدولة وليست بديلا.

قوات الجيش والقوى الأمنية تدخل وتداهم مناطق حزب الله وليست ممنوعة بل موجودة، والتنسيق مع الجيش والقوى الأمنية في أعلى مستوياته لحماية لبنان وليس أمن الضاحية، فالمستهدف هو الاستقرار اللبناني وإشعال الفتنة المذهبية، وتفجيرات طرابلس وغيرها من المتفجرات المكتشفة في الناعمة وحالات تدل على ذلك.

إن حزب الله وحركة أمل يناشدان ويطالبان الدولة بتحمل مسؤولياتها، وألا تعطي أي منطقة لبنانية أو مخيم فلسطيني حصانة أمنية، وكذلك أي معارض سوري، فكل مواطن أو مقيم عليه التقيد بالقانون، فلا حصانة للإرهابيين وللالتزام بالاتفاقيات الثنائية مع سوريا حتى لا تنهار الدولة، ويتحول الوطن إلى محميات طائفية ومذهبية. والمطلوب من الدولة أن تبادر وتأخذ دورها.. ولا يطلب من المستهدف والمهدد بالمتفجرات والاغتيال من العدو الإسرائيلي ومن التكفيريين، ومن الذين نعتوه بالإرهاب السكوت، بينما يطالب «14 آذار» بنزع سلاح المقاومة لتقتلها إسرائيل، ويطالب بمنع المقاومة من الدفاع عن نفسها ليسهل خنقها، فهل مطلوب من «الضحية» مساعدة قاتلها؟! حق الدفاع عن النفس واجب ديني وقانوني.. فعندما تصبح الدولة قادرة يرجع «حماة المدنيين» إلى جامعاتهم ومصالحهم وورش عملهم..

نداؤنا للدولة وأركانها أن يتحملوا مسؤولياتهم.. ويشكلوا حكومة لبنان الإنقاذية، وتعود المؤسسات لتدعم الجيش للحفاظ على المركب اللبناني في ذروة الأعاصير التي تعصف بالمنطقة.

من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر.. ومن كان منكم بلا أمن ذاتي فليعلن، خاصة أن الدولة لا تعطينا كما تعطي بعض قيادات «14 آذار» (أكثر من 50 دركيا لحماية قيادي حزبي)! نحن أهل المقاومة ضحايا الدولة منذ عام 1948، نحلم بأن ننام مع أطفالنا كما الناس، لا ترافقنا بنادقنا في أسرتنا، ونذهب لحقولنا ووظائفنا.. وعندما تنام الدولة نسهر ونحرس أنفسنا.. فكيف يطالبنا الآخرون بالنوم.. ولا يطالبون الدولة باليقظة؟

* إعلامي ومحاضر في الجامعة اللبنانية